[ ص: 277 ] سورة الناس
وفيها قولان .
أحدهما: أنها مدنية، رواه عن أبو صالح ابن عباس .
والثاني: أنها مكية، رواه أبو كريب عن ابن عباس .
بسم الله الرحمن الرحيم
قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس .
فإن قيل: لم خص الناس هاهنا بأنه ربهم، وهو رب كل شيء؟
فعنه جوابان .
أحدهما: لأنهم معظمون متميزون على غيرهم .
والثاني: لأنه لما أمر بالاستعاذة من شرهم أعلم أنه ربهم، ليعلم أنه هو الذي يعيذ من شرهم . ولما كان في الناس ملوك قال تعالى: ملك الناس ولما كان فيهم [ ص: 278 ] من يعبد غيره قال تعالى: إله الناس .
و الوسواس الشيطان، وهو الخناس يوسوس في الصدور، فإذا ذكر الله، خنس، أي: كف وأقصر . قال الوسواس هنا: ذو الوسواس . [ ص: 279 ] وقال الزجاج: الصدور هاهنا: القلوب . قال ابن قتيبة: الشيطان جاثم على قلب ابن ابن عباس: آدم، فإذا سها وغفل، وسوس، فإذا ذكر الله، خنس .
قوله تعالى: من الجنة والناس الجنة: الجن . وفي معنى الآية قولان .
أحدهما: يوسوس في صدور الناس جنتهم وناسهم، فسمى الجن هاهنا ناسا، كما سماهم رجالا في قوله تعالى: يعوذون برجال من الجن [الجن: 6]، وسماهم نفرا بقوله تعالى: استمع نفر من الجن [الجن: 1]، هذا قول وعلى هذا القول يكون الوسواس موسوسا للجن، كما يوسوس للإنس . الفراء .
والثاني: أن الوسواس: الذي يوسوس في صدور الناس، هو من الجنة، وهم من الجن . والمعنى: من شر الوسواس الذي هو من الجن . ثم عطف قوله تعالى: " والناس " على " الوسواس " . والمعنى: من شر الوسواس، ومن شر الناس، كأنه أمر أن يستعيذ من الجن والإنس، هذا قول الزجاج .