فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنـزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد .
قوله تعالى: فلذلك فادع قال المعنى: فإلى ذلك، تقول: دعوت إلى فلان، ودعوت لفلان، و "ذلك" بمعنى "هذا"; وللمفسرين فيه قولان . الفراء:
أحدهما: أنه القرآن، قاله والثاني: أنه التوحيد، قاله ابن السائب . مقاتل .
[ ص: 279 ] قوله تعالى: ولا تتبع أهواءهم يعني أهل الكتاب، لأنهم دعوه إلى دينهم .
قوله تعالى: وأمرت لأعدل بينكم قال بعض النحويين: المعنى: أمرت كي أعدل . وقال غيره: المعنى: أمرت بالعدل . وتقع "أمرت" على "أن"، وعلى "كي"، وعلى "اللام"; يقال: أمرت أن أعدل، وكي أعدل، ولأعدل .
ثم في ما أمر أن يعدل فيه قولان . أحدهما: في الأحكام إذا ترافعوا إليه . والثاني: في تبليغ الرسالة .
قوله تعالى: الله ربنا وربكم أي: هو إلهنا وإن اختلفنا، فهو يجازينا بأعمالنا، فذلك قوله: لنا أعمالنا أي: جزاؤها .
لا حجة بيننا وبينكم قال لا خصومة بيننا وبينكم . مجاهد:
فصل
وفي هذه الآية قولان
أحدهما: أنها اقتضت الاقتصار على الإنذار، وذلك قبل القتال، ثم نزلت آية السيف فنسختها، قاله الأكثرون .
والثاني: أن معناها: إن الكلام -بعد ظهور الحجج والبراهين- قد سقط بيننا، فعلى هذا هي محكمة، حكاه شيخنا علي بن عبيد الله عن طائفة من المفسرين .
قوله تعالى: والذين يحاجون في الله أي: يخاصمون في دينه . قال هم اليهود، قالوا: كتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، فنحن خير منكم . وعلى قول قتادة: هم المشركون، طمعوا أن تعود الجاهلية . مجاهد:
[ ص: 280 ] قوله تعالى: من بعد ما استجيب له أي: من بعد إجابة الناس إلى الإسلام حجتهم داحضة أي: خصومتهم باطلة .