ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين . ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي [ ص: 256 ] هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم . وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم . وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم .
قوله تعالى: ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله فيمن أريد بهذا ثلاثة أقوال .
أحدها: أنهم المؤذنون . روى جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "نزلت في المؤذنين"، وهذا قول عائشة، ومجاهد، وعكرمة .
[ ص: 257 ] والثاني: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلى شهادة أن لا إله إلا الله، قاله ابن عباس، والسدي، وابن زيد .
والثالث: أنه المؤمن أجاب الله إلى ما دعاه، ودعا الناس إلى ذلك وعمل صالحا في إجابته، قاله الحسن .
وفي قوله: وعمل صالحا ثلاثة أقوال .
أحدها: صلى ركعتين بعد الأذان، وهو قول عائشة، وروى ومجاهد . عن إسماعيل بن أبي خالد قيس بن أبي حازم: "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله" قال: الأذان "وعمل صالحا" قال: الصلاة بين الأذان والإقامة .
والثاني: أدى الفرائض وقام لله بالحقوق، قاله عطاء .
والثالث: صام وصلى، قاله عكرمة .
قوله تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة قال : "لا" زائدة مؤكدة; والمعنى: ولا تستوي [الحسنة] والسيئة . وللمفسرين فيهما ثلاثة أقوال . الزجاج
أحدها: أن الحسنة: الإيمان، والسيئة: الشرك، قاله [ ص: 258 ] والثاني: الحلم والفحش، قاله ابن عباس . والثالث: النفور والصبر، حكاه الضحاك . الماوردي .
قوله تعالى: ادفع بالتي هي أحسن وذلك كدفع الغضب بالصبر، والإساءة بالعفو، فإذا فعلت ذلك صار الذي بينك وبينه عداوة كالصديق القريب . وقال هو السلام على من تعاديه إذا لقيته . قال المفسرون: وهذه الآية منسوخة بآية السيف . عطاء:
قوله تعالى: وما يلقاها أي: ما يعطاها . قال : ما يلقى هذه الفعلة: وهي دفع السيئة بالحسنة الزجاج إلا الذين صبروا على كظم الغيظ وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم من الخير . وقال إلا ذو جد . وقال السدي: الحظ العظيم: الجنة; فالمعنى: ما يلقاها إلا من وجبت له الجنة . قتادة:
قوله تعالى: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ قد فسرناه في [الأعراف: 200] .