[ ص: 10 ] واضرب لهم مثلا أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون . إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون . قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون . قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون . وما علينا إلا البلاغ المبين . قالوا إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم . قالوا طائركم معكم أإن ذكرتم بل أنتم قوم مسرفون .
قوله تعالى: واضرب لهم مثلا المعنى: صف لأهل مكة مثلا; أي: شبها . وقال : المعنى: مثل لهم مثلا الزجاج أصحاب القرية وهو بدل من مثل، كأنه قال: اذكر لهم أصحاب القرية . وقال عكرمة، هذه القرية هي وقتادة: أنطاكية .
إذ أرسلنا إليهم اثنين وفي اسميهما ثلاثة أقوال . أحدها: صادق وصدوق، قاله ابن عباس، والثاني: وكعب . يوحنا وبولس، قاله والثالث: وهب بن منبه . تومان وبولس، قاله مقاتل .
[ ص: 11 ] قوله تعالى: فعززنا قرأ ابن كثير، ونافع، ، وأبو عمرو وابن عامر، وحمزة، والكسائي، وحفص عن "فعززنا" بتشديد الزاي، قال عاصم: : المعنى: قوينا وشددنا، يقال: تعزز لحم الناقة: إذا صلب . وقرأ ابن قتيبة أبو بكر، والمفضل عن "فعززنا" خفيفة، قال عاصم: أبو علي: أراد: فغلبنا . قال واسم هذا الثالث مقاتل: شمعون، وكان من الحواريين، وهو وصي عيسى عليه السلام . قال وأوحى الله إلى وهب: شمعون يخبره خبر الاثنين ويأمره بنصرتهما، فانطلق يؤمهما . وذكر أن هذا الثالث كان قد أرسل قبلهما; قال: ونراه في التنزيل كأنه بعدهما، وإنما المعنى: فعززنا بالثالث الذي قبلهما، والمفسرون على أنه إنما أرسل لنصرتهما، ثم إن الثالث إنما يكون بعد ثان، فأما إذا سبق الاثنين فهو أول; وإني لأتعجب من قول الفراء واختلف المفسرون فيمن أرسل هؤلاء الرسل على قولين . أحدهما: أن الله تعالى أرسلهم، وهو ظاهر القرآن، وهو مروي عن الفراء . ابن عباس، وكعب، ووهب .
والثاني: أن عيسى أرسلهم، وجاز أن يضاف ذلك إلى الله تعالى لأنهم رسل رسوله، قاله قتادة، وابن جريج .
قوله تعالى: قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا أي: مالكم علينا فضل في شيء وما أنزل الرحمن من شيء أي: لم ينزل كتابا ولم يرسل رسولا .
[ ص: 12 ] وما بعده ظاهر إلى قوله قالوا إنا تطيرنا بكم وذلك أن المطر حبس عنهم، فقالوا: إنما أصابنا هذا من قبلكم لئن لم تنتهوا أي: تسكتوا عنا لنرجمنكم أي: لنقتلنكم .
قالوا طائركم معكم أي: شؤمكم معكم بكفركم، لا بنا أإن ذكرتم قرأ "أين ذكرتم" بهمزة واحدة بعدها ياء; وافقه ابن كثير: إلا أنه كان يمد . قال أبو عمرو، معناه: حيث ذكرتم، أي: وعظتم وخوفتم، وهذا استفهام جوابه محذوف، تقديره: أئن ذكرتم تطيرتم بنا؟! وقيل أئن ذكرتم قلتم هذا القول؟ والمسرفون هاهنا: المشركون الأخفش: