وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين
قوله تعالى : " وكلا نقص " قال : " كلا " منصوب بـ " نقص " ، [ ص: 173 ] المعنى : كل الذي تحتاج إليه من أنباء الرسل نقص عليك ، و " ما " منصوبة بدلا من كل ، المعنى : نقص عليك ما نثبت به فؤادك ; ومعنى تثبيت الفؤاد تسكين القلب هاهنا ، ليس للشك ، ولكن كلما كان البرهان والدلالة أكثر ، كان القلب أثبت . الزجاج
قوله تعالى : " وجاءك في هذه الحق " في المشار إليه بـ " هذه " أربعة أقوال :
أحدها : أنها السورة ، قاله ، ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، ورواه وأبو العالية شيبان عن . قتادة
والثاني : أنها الدنيا ، فالمعنى : وجاءك في هذه الدنيا ، رواه عن سعيد ; وعن قتادة كالقولين . الحسن
والثالث : أنها الأقاصيص المذكورة .
والرابع : أنها هذه الآية بعينها ، ذكر القولين . ابن الأنباري
وفي المراد بالحق هاهنا ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها البيان . والثاني : صدق القصص والأنباء . والثالث : النبوة .
فإن قيل : أليس قد جاءه الحق في كل القرآن ، فلم خص هذه السورة ؟
فالجواب : أنا إن قلنا : إن الحق النبوة ، فالإشارة بـ " هذه " إلى الدنيا ، فيكون المعنى : وجاءك في هذه الدنيا النبوة ، فيرتفع الإشكال . وإن قلنا : إنها السورة ، فعنه أربعة أجوبة :
أحدها : أن المراد بالحق البيان ، وهذه السورة جمعت من تبيين إهلاك الأمم ، وشرح مآلهم ، ما لم يجمع غيرها ، فبان أثر التخصيص ، وهذا مذهب بعض المفسرين .
والثاني : أن بعض الحق أوكد من بعض في ظهوره عندنا وخفائه علينا ، [ ص: 174 ] ولهذا يقول الناس : فلان في الحق : إذا كان في الموت ، وإن لم يكن قبله في باطل ، ولكن لتعظيم ما هو فيه ، فكأن الحق المبين في هذه السورة أجلى من غيره ، وهذا مذهب . الزجاج
والثالث : أنه خص هذه السورة بذلك لبيان فضلها ، وإن كان في غيرها حق أيضا ، فهو كقوله : والصلاة الوسطى [البقرة :238] ، وقوله : وجبريل وميكال [البقرة :98] ، وهذا مذهب . ابن الأنباري
والرابع : أن المعنى : وجاءك في هذه السورة الحق مع ما جاءك من سائر السور ، قاله . ابن جرير الطبري
قوله تعالى : " وموعظة وذكرى للمؤمنين " أي : يتعظون إذا سمعوا هذه السورة وما نزل بالأمم فتلين قلوبهم .