قوله تعالى : " وأقم الصلاة طرفي النهار " أما سبب نزولها ، فروى علقمة والأسود عن ابن مسعود وأقم الصلاة طرفي النهار . . . " الآية ، فدعا الرجل فقرأها عليه ، فقال : أهي له خاصة ، أم للناس كافة ؟ قال : " لا ، بل للناس كافة عمر " . وفي رواية أخرى عن أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إني أخذت امرأة في البستان فقبلتها ، وضممتها ، إلي وباشرتها ، وفعلت بها كل شيء ، غير أني لم أجامعها ; [ ص: 166 ] فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى " : ابن مسعود : كنت قاعدا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء رجل ، فقال : يا رسول الله ، ما تقول في رجل أصاب من امرأة مالا يحل له ، فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته إلا أصابه منها ، غير أنه لم يجامعها ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " توضأ وضوءا حسنا ، ثم قم فصل " فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال معاذ بن جبل : أهي له خاصة ، أم للمسلمين عامة ؟ فقال : " بل هي للمسلمين عامة معاذ " . واختلفوا في اسم هذا الرجل ، فقال أن رجلا أصاب من امرأة قبلة ، فأتى رسول الله ، فذكر ذلك له ، فنزلت هذه الآية ، فقال الرجل : ألي هذه الآية ؟ فقال : " لمن عمل بها من أمتي " . وقال عن أبو صالح : هو ابن عباس عمرو بن غزية الأنصاري ، وفيه نزلت هذه الآية ، كان يبيع التمر ، فأتته امرأة تبتاع منه تمرا ، فأعجبته ، فقال : إن في البيت تمرا أجود من هذا ، فانطلقي معي حتى أعطيك منه ; فذكر نحو [ ص: 167 ] حديث . وقال معاذ : هو مقاتل أبو مقبل عامر بن قيس الأنصاري . وذكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ أنه . وذكر في الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم ، أله خاصة ؟ ثلاثة أقوال : أبو اليسر كعب بن عمرو الأنصاري
أحدها : أنه صاحب القصة . والثاني : أبو اليسر . والثالث : معاذ بن جبل . عمر بن الخطاب
فأما التفسير ، فقوله : " وأقم الصلاة " أي : أتم ركوعها وسجودها .
فأما طرفا النهار ، ففي الطرف الأول قولان :
أحدهما : أنه صلاة الفجر ، قاله الجمهور . والثاني : أنه الظهر ، حكاه . ابن جرير
وفي الطرف الثاني ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه صلاة المغرب ، قاله ، ابن عباس . الثاني : العصر ، قاله وابن زيد . وعن قتادة كالقولين . والثالث : الظهر ، والعصر ، قاله الحسن ، مجاهد . وعن والقرظي كالأقوال الثلاثة . الضحاك
قوله تعالى : " وزلفا من الليل " وقرأ ، أبو جعفر وشيبة " وزلفا " بضم اللام . قال : الزلف : الساعات ، واحدها : زلفة ، أي : ساعة ومنزلة وقربة ; ومنه سميت أبو عبيدة المزدلفة ، قال العجاج :
[ ص: 168 ]
ناج طواه الأين مما أوجفا طي الليالي زلفا فزلفا
سماوة الهلال حتى احقوقفا
قال : ومنه يقال : أزلفني كذا عندك ، أي : أدناني ; والمزالف : المنازل والدرج ، وكذلك الزلف : ابن قتيبة
وفيها للمفسرين قولان :
أحدهما : أنها صلاة العتمة ، رواه ابن أبي طلحة عن ، ابن عباس وعوف عن ، الحسن عن وابن أبي نجيح ، وبه قال مجاهد ابن زيد .
والثاني : أنها صلاة المغرب والعشاء ، روي عن أيضا ، ورواه ابن عباس يونس عن ، الحسن ومنصور عن ، وبه قال مجاهد ، قتادة ، ومقاتل . والزجاج
قوله تعالى : " إن الحسنات يذهبن السيئات " في المراد بالحسنات قولان :
أحدهما : أنها الصلوات الخمس ، قاله ، ابن مسعود ، وابن عباس ، وابن المسيب ، ومسروق ، ومجاهد ، والقرظي ، والمقاتلان : والضحاك ابن سليمان ، وابن حيان .
والثاني : أنها سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، رواه منصور عن . والأول أصح ، لأن الجمهور عليه ، وفيه حديث مسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رواه مجاهد عثمان بن عفان ، [ ص: 169 ] ومن صلى العصر ، غفر له ما بينها وبين صلاة الظهر ، ومن صلى المغرب ، غفر له ما بينها وبين صلاة العصر ، ثم صلى العشاء ، غفر له ما بينها وبين صلاة المغرب ، ثم لعله أن يبيت ليلته يتمرغ ، ثم إن قام فتوضأ وصلى الصبح ، غفر له ما بينه وبين صلاة العشاء ، وهن الحسنات يذهبن السيئات من توضأ وضوئي هذا ، ثم صلى الظهر ، غفر له ما كان بينها وبين صلاة الصبح " . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ ، وقال :
فأما السيئات المذكورة هاهنا ، فقال المفسرون : هي الصغائر من الذنوب . وقد ، قال : قلت : يا رسول الله ، أوصني ; قال : " اتق الله حيثما كنت " ، قال : قلت : زدني ; قال : " معاذ بن جبل " ، قلت : زدني ; قال : " خالق الناس بخلق حسن " أتبع السيئة الحسنة تمحها . روى
قوله تعالى : " ذلك ذكرى للذاكرين " في المشار إليه بـ " ذلك " ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه القرآن . والثاني : إقام الصلاة . والثالث : جميع ما تقدم من الوصية بالاستقامة ، والنهي عن الطغيان ، وترك الميل إلى الظالمين ، والقيام بالصلاة .
[ ص: 170 ] وفي المراد بالذكرى قولان :
أحدهما : أنه بمعنى التوبة . والثاني : بمعنى العظة .