ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظالمين قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون
قوله تعالى : " ويا قوم من ينصرني " أي : من يمنعني من عذاب الله إن طردتهم .
قوله تعالى : " ولا أقول لكم عندي خزائن الله " قال : أراد بالخزائن : علم الغيب المطوي عن الخلق ، لأنهم قالوا له : إنما اتبعك هؤلاء في الظاهر وليسوا معك ، فقال لهم : ليس عندي خزائن غيوب الله فأعلم ما تنطوي عليه الضمائر . وإنما قيل للغيوب : خزائن لغموضها عن الناس واستتارها عنهم . قال ابن الأنباري : إنما آيات القرآن خزائن ، فإذا دخلت خزانة فاجتهد أن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها . سفيان بن عيينة
[ ص: 99 ] قوله تعالى : " ولا أعلم الغيب " قيل : إنما قال لهم هذا ، لأن أرضهم أجدبت ، فسألوه : متى يجيء المطر ؟ وقيل : بل سألوه : متى يجيء العذاب ؟ فقال : ولا أعلم الغيب . وقوله : " ولا أقول إني ملك " جواب لقولهم : ما نراك إلا بشرا مثلنا [هود :27] . " ولا أقول للذين تزدري أعينكم " أي : تحتقر وتستصغر المؤمنين . قال : " تزدري " تستقل وتستخس ، يقال : زريت على الرجل : إذا عبت عليه وخسست فعله ، وأزريت به : إذا قصرت به . وأصل تزدري : تزتري ، إلا أن هذه التاء تبدل بعد الزاي دالا ، لأن التاء من حروف الهمس ، وحروف الهمس خفية ، فالتاء بعد الزاي تخفى ، فأبدلت منها الدال لجهرها . الزجاج
قوله تعالى : " لن يؤتيهم الله خيرا " قال : إيمانا . ومعنى الكلام : ليس لي أن أطلع على ما في نفوسهم فأقطع عليهم بشيء ، وليس لاحتقاركم إياهم يبطل أجرهم . " ابن عباس إني إذا لمن الظالمين " إن قلت هذا الذي تقدم ذكره ، وقيل إن طردتهم .
قوله تعالى : " قد جادلتنا " قال : الجدال : هو المبالغة في الخصومة والمناظرة ، وهو مأخوذ من الجدل ، وهو شدة الفتل ، ويقال للصقر : أجدل ، لأنه من أشد الطير . ويقرأ " فأكثرت جدلنا " . الزجاج
قوله تعالى : " فأتنا بما تعدنا " قال : يعنون العذاب . " إن كنت من الصادقين " أنه يأتينا . ابن عباس
قوله تعالى : " إن أردت أن أنصح لكم " أي : أنصحكم . وفي هذه الآية شرطان ، فجواب الأول النصح ، وجواب الثاني النفع .
قوله تعالى : " إن كان الله يريد أن يغويكم " فيه ثلاثة أقوال :
[ ص: 100 ] أحدها : يضلكم ، قاله . والثاني : يهلككم ، حكاه ابن عباس . وقال : هو قول مرغوب عنه . الثالث : يضلكم ويهلككم ، قاله ابن الأنباري . الزجاج
قوله تعالى : " هو ربكم " أي : هو أولى بكم ، يتصرف في ملكه كما يشاء " وإليه ترجعون " بعد الموت .