ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين
قوله تعالى : " ويوم نحشرهم جميعا " قال : يجمع الكفار وآلهتهم . " ابن عباس ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم " أي : آلهتكم . قال : [ ص: 27 ] " مكانكم " منصوب على الأمر ، كأنهم قيل لهم : انتظروا مكانكم حتى نفصل بينكم ، الزجاج والعرب تتوعد فتقول : مكانك ، أي : انتظر مكانك ، فهي كلمة جرت على الوعيد .
قوله تعالى : " فزيلنا بينهم " وقرأ : " فزايلنا " بألف ، قال ابن أبي عبلة : فرقنا بينهم وبين آلهتهم . وقال ابن عباس : هو من زال يزول وأزلته . وقال ابن قتيبة : إنما قال " فزيلنا " ولم يقل : " فزلنا " لإرادة تكرير الفعل وتكثيره . ابن جرير
فإن قيل : " كيف تقع الفرقة بينهم وهم معهم في النار ، لقوله : " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " [الأنبياء :98]
فالجواب : أن الفرقة وقعت بتبري كل معبود ممن عبده ، وهو قوله : " وقال شركاؤهم " ، قال : آلهتهم ، ينطق الله الأوثان ، فتقول : " ابن عباس ما كنتم إيانا تعبدون " أي : لا نعلم بعبادتكم لنا ، لأنه ما كان فينا روح ، فيقول العابدون : بلى قد عبدناكم ، فتقول الآلهة : " فكفى بالله شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلين " لا نعلم بها . قال : " الزجاج إن كنا " معناه : ما كنا إلا غافلين .
فإن قيل : ما وجه دخول الباء في قوله : " فكفى بالله شهيدا " ؟
فعنه جوابان . أحدهما : أنها دخلت للمبالغة في المدح كما قالوا : أظرف بعبد الله ، وأنبل بعبد الرحمن ، وناهيك بأخينا ، وحسبك بصديقنا ، هذا قول وأصحابه . والثاني أنها دخلت توكيدا للكلام ، إذ سقوطها ممكن ، كما يقال : خذ بالخطام ، وخذ الخطام ، قاله الفراء . ابن الأنباري