223 - ينام بإحدى مقلتيه ويتقي بأخرى المنايا فهو يقظان هاجع
أي: متحرز.
أو يقدر لكل خبر مبتدأ تقديره: هم صم، هم بكم، هم عمي، والمعنى على أنهم جامعون لهذه الأوصاف الثلاثة، ولولا ذلك لجاز أن تكون هذه الآية من باب ما تعدد فيه الخبر لتعدد المبتدأ، نحو قولك: الزيدون فقهاء شعراء كاتبون، فإنه يحتمل أن يكون المعنى أن بعضهم فقهاء، وبعضهم شعراء، وبعضهم كاتبون، وأنهم ليسوا جامعين لهذه الأوصاف الثلاثة، بل بعضهم اختص بالفقه، والبعض الآخر بالشعر، والآخر بالكتابة.
وقرئ بنصبها، وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه حال، وفيه قولان، أحدهما: هو حال من الضمير المنصوب في "تركهم"، والثاني من المرفوع [ ص: 166 ] في "لا يبصرون".
والثاني: النصب على الذم، كقوله: حمالة الحطب .
وقول الآخر:
224 - سقوني النسء ثم تكنفوني عداة الله من كذب وزور
أي: أذم عداة الله.
الثالث: أن يكون منصوبا بـ(ترك) أي: تركهم صما بكما عميا.
والصمم داء يمنع من السماع، وأصله من الصلابة، يقال: "قناة صماء" أي صلبة، وقيل: أصله من الانسداد، ومنه: صممت القارورة أي: سددتها.
والبكم داء يمنع الكلام، وقيل: هو عدم الفهم، وقيل: الأبكم من ولد أخرس.
وقوله: فهم لا يرجعون جملة خبرية معطوفة على الجملة الخبرية قبلها، وقيل: بل الأولى دعاء عليهم بالصمم، ولا حاجة إلى ذلك.
وقال : "وقيل: فهم لا يرجعون حال، وهو خطأ؛ لأن الفاء ترتب، والأحوال لا ترتيب فيها". أبو البقاء
و"رجع" يكون قاصرا ومتعديا باعتبارين، وهذيل تقول: أرجعه غيره فإذا كان بمعنى "عاد" كان لازما، وإذا كان بمعنى أعاد كان متعديا، والآية الكريمة تحتمل التقديرين، فإن جعلناه متعديا فالمفعول محذوف، تقديره: لا يرجعون جوابا، مثل قوله: إنه على رجعه لقادر .
وزعم بعضهم أنه يضمن معنى صار، فيرفع الاسم وينصب الخبر، وجعل منه [ ص: 167 ] قوله عليه السلام: ومن منع من جريانه مجرى "صار" جعل المنصوب حالا. "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"،