وهو ( و ) الثالث ( ملك نصاب ) أيضا فلا زكاة في مال حتى يبلغ نصابا ، لما يأتي في أبوابه ويكون النصاب ( تقريبا في أثمان ، و ) قيم ( عروض ) تجارة ، فتجب مع نقص يسير ، كحبة وحبتين لأنه لا ينضبط غالبا ، أشبه نقص الحول ساعة أو ساعتين ( وتحديدا في غيرهما ) أي غير الأثمان والعروض من الحبوب والثمار والمواشي سبب وجوب الزكاة
فإن نقص نصابها ، ولو بجزء يسير لم تجب لكن لا اعتبار بنقص يدخل في الكيل ويشترط كون لفلس ) فلا تجب عليه وإن قلنا : الدين غير مانع لأنه ممنوع من التصرف في ماله حكما ولا يحتمل المواساة . ملك نصاب ( لغير محجور عليه
( ولو ) كان بيد غاصب أو من انتقل إليه منه أو تالفا لأنه يجوز التصرف فيه بالإبراء والحوالة أشبه الدين ، فيزكيه ربه إذا قبضه لما مضى ( ويرجع ) ربه ( بزكاته ) أي المغصوب ( على غاصبه ) لأنه نقص حصل بيده أشبه ما لو تلف بعضه ( أو ) كان ( ضالا ) فيزكيه مالكه إذا وجده لحول من التعريف ، لبقاء ملكه عليه ( لا ) يزكيه ربه ( زمن ملك ملتقط ) بعد حول التعريف لأنه ملك للملتقط النصاب ( مغصوبا )
فزكاته عليه كسائر أمواله ( ويرجع ) رب مال ضال وجده ( بها ) أي بزكاته ( على ملتقط أخرجها ) أي زكاة ( منها ) أي اللقطة ولو لحول التعريف لتعديه بالإخراج ولا تجزيء عن ربها ، وإن أخرجها من غيرها لم يرجع على ربها بشيء ( أو ) كان ( غائبا ) فتجب زكاته كالحاضر و ( لا ) تجب ( إن شك في بقائه ) لعدم تيقن السبب لكن متى وصل إلى يده زكاه لما مضى مطلقا ( أو ) كان ( مسروقا أو مدفونا منسيا ) بداره أو غيرها ( أو موروثا جهله ) أي أنه له ، لعدم علمه بموت مورثه ( أو ) موروثا جهل ( عند من هو ) بأن علم موت مورثه ولم يعلم أين موروثه
( ونحوه ) كالموهوب قبل قبضه ( ويزكيه ) أي المغصوب وما عطف عليه ( إذا قدر ) ربه ( عليه ) بأخذه من غاصبه ، أو ملتقطه أو سارقه ونحوه ، أو حضور غائب ، أو علمه بمدفون ، أو موروث وقبض موهوب لأن الزكاة [ ص: 390 ] مواساة فلا تجب قبل ذلك لأنه ليس محلا لها ( أو ) كان النصاب ( مرهونا ) فتجب فيه كغيره ( ويخرجها ) أي زكاة المرهون ( راهن منه ) أي المرهون ( بلا إذن ) مرتهن
( إن تعذر غيره ) أي المرهون ، بأن كان غيره غائبا ، أو مغصوبا ونحوه ، كما تقدم في جناية راهن على دينه لأنها تتعلق بعينه وتقدم على حق مالكه فكذا على حق مرتهن ( ويأخذ مرتهن ) من راهن أخرج زكاة رهن منه ( عوض زكاة إن أيسر ) راهن بأن حضر ماله الغائب ، أو انتزع المغصوب ونحوه ، كما لو كان أتلف الرهن أو بعضه ( أو ) كان النصاب ( دينا ) على موسر أو معسر حالا أو مؤجلا لأنه يجوز التصرف فيه بالإبراء والحوالة أشبه الدين على المليء .
وعن في الدين المظنون " إن كان صادقا فليزكه إذا قبضه لما مضى " وعن علي نحوه رواه ابن عباس أبو عبيد قال في القاموس ، في مادة " ظن " بالمعجمة : وكصبور من الديون ما لا يدري أيقبضه آخذه أم لا ؟ ( غير بهيمة الأنعام ) فلا زكاة فيها إذا كانت دينا لاشتراط السوم فيها
فإن عينت زكيت كغيرها ( أو ) غير ( دية واجبة ) على قاتل ، أو عاقلته فلا تزكى ، لأنها لم تتعين مالا زكويا لأن الإبل أصل ، أو أحد الأصول ( أو ) غير ( دين سلم ) فلا زكاة فيه لامتناع الاعتياض عنه .
والحوالة به وعليه ( ما لم يكن ) دين السلم ( أثمانا ) فتجب فيها لوجوبها في عينها ( أو ) يكن دين السلم ( لتجارة ) فتجب في قيمتها ، كسائر عروضها ( ولو ) كان الدين الذي قلنا تجب زكاته ( مجحودا بلا بينة ) لأن جحده لا يزيل ملك ربه عنه ولا ضرر عليه في ذلك لأنه لا يزكيه حتى يقضيه ( إن سقط قبل قبضه بلا عوض ولا إسقاط ) كصداق قبل الدخول يسقط بفسخ من جهتها ، أو تنصف لطلاقه . ( وتسقط زكاته ) أي الدين
وكدين بذمة رقيق يملكه رب الدين ، وكثمن نحو مكيل أو موزون بتلف قبل قبضه بعد الحول فتسقط زكاته في الكل لأنها مواساة ، ولا تلزم في شيء تعذر حصوله قلت : ومثله موهوب لم يقبض رجع فيه واهب بعد الحول فتسقط عن موهوب له ( وإلا ) يسقط قبل قبضه بلا عوض ولا إسقاط ( فلا ) تسقط زكاته ( فيزكي ) الدين ( إذا قبض ) أو عوض عنه أو أحال به أو عليه ( أو أبرأ منه لما [ ص: 391 ] مضى ) من السنين ، ولا يجب الإخراج قبل ذلك ، لأنها وجبت مواساة وليس منها إخراج زكاة ما لا ينتفع به ( ويجري إخراجها ) أي زكاة الدين ( قبل ) قبضه والإبراء منه لقيام الوجوب على ربه ، وعدم إلزامه بالإخراج إذن رخصة وليس من قبيل تعجيل الزكاة ( ولو قبض ) رب دين منه ( دون نصاب ) زكاه .
وكذا لو أبرأ منه ( أو كان بيده ) دون نصاب ( وباقيه ) أي النصاب ( دين ، أو غصب ، أو ضال زكاه ) أي ما بيده لأنه مالك نصاب ملكا تاما أشبه ما لو قبضه كله ، أو كان بيده كله قال في الإقناع : ولعله فيما إذا ظن رجوعه ، أي الضال ونحوه ( وإن ( رجع فيما بقي ) من الصداق ( بكل حقه ) لقوله تعالى { زكت ) امرأة ( صداقها كله ) بعد الحول ، وهو في ملكها . ( ثم تنصف ) الصداق ( بطلاقه ) أي الزوج أو خلعه ونحوه قبل الدخول : فنصف ما فرضتم } الآية فلو أصدقها ثمانين فحال الحول وزكتها أو لا رجع بأربعين وتستقر الزكاة عليها ( ولا تجزئها زكاتها منه ) أي الصداق ( بعد ) طلاقها قبل الدخول ، ولو حال الحول لأنه مال مشترك ، فلا يجوز لأحدهما التصرف فيه قبل القسمة ( ويزكي مشتر مبيعا معينا ) كنصاب سائمة معين ، أو موصوف من قطيع معين ( أو ) مبيعا ( متميزا ) كهذه الأربعين شاة ، هذا حاصل كلام ابن قندس قال : فكل متميزة متعينة ، وليس كل متعينة متميزة ( ولو لم يقبضه ) - أي المبيع المتعين والمتميز - مشتر ( حتى انفسخ ) البيع ( بعد الحول ) لأن الفسخ رفع للعقد من حين الفسخ لا من أصله ( وما عداهما ) أي المتعين والمتميز ، كأربعين شاة موصوفة في الذمة وحل الحول قبل قبضها يزكيها ( بائع ) لأنها لا تدخل في ضمان مشتر إلا بقبضها لعدم تعيينها ، قلت : قياس ما تقدم في السلم إن كان لتجارة أو أثمانا زكاه مشتر ، وفي تمثيله في شرحه بنصف زبرة من فضة وزنها أربعمائة درهم : نظر ، فإنه وإن لم يكن متميزا لكنه متعين بتعيين محله ، كما يعلم من حواشي ابن قندس وكيف تجب زكاة مال معين على غير مالكه ؟ .