ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين
(118) يخبر تعالى أنه لو شاء لجعل الناس كلهم أمة واحدة على الدين الإسلامي، فإن مشيئته غير قاصرة، ولا يمتنع عليه شيء، ولكنه اقتضت حكمته، أن لا يزالوا مختلفين، مخالفين للصراط المستقيم، متبعين للسبل الموصلة إلى النار، كل يرى الحق، فيما قاله، والضلال في قول غيره.
(119) إلا من رحم ربك فهداهم إلى العلم بالحق والعمل به، والاتفاق عليه، فهؤلاء سبقت لهم سابقة السعادة، وتداركتهم العناية الربانية والتوفيق الإلهي.
وأما من عداهم، فهم مخذولون موكولون إلى أنفسهم.
وقوله: ولذلك خلقهم أي: اقتضت حكمته أنه خلقهم، ليكون منهم السعداء والأشقياء، والمتفقون والمختلفون، والفريق الذين هدى الله، والفريق الذين حقت عليهم الضلالة، ليتبين للعباد، عدله وحكمته، وليظهر ما كمن في الطباع البشرية من الخير والشر، وليقوم سوق الجهاد والعبادات التي لا تتم ولا تستقيم إلا بالامتحان والابتلاء.
( و ) لأنه " تمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين " فلا بد أن ييسر للنار أهلا يعملون بأعمالها الموصلة إليها.