إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون
(36) يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: إنما يستجيب لدعوتك، ويلبي رسالتك، وينقاد لأمرك ونهيك الذين يسمعون بقلوبهم ما ينفعهم، وهم أولو الألباب والأسماع.
والمراد بالسماع هنا: سماع القلب والاستجابة، وإلا فمجرد سماع الأذن، يشترك فيه البر والفاجر. فكل المكلفين قد قامت عليهم حجة الله تعالى، باستماع آياته، فلم يبق لهم عذر، في عدم القبول.
والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون : [ ص: 471 ] يحتمل أن المعنى، مقابل للمعنى المذكور. أي: إنما يستجيب لك أحياء القلوب، وأما أموات القلوب، الذين لا يشعرون بسعادتهم، ولا يحسون بما ينجيهم، فإنهم لا يستجيبون لك، ولا ينقادون، وموعدهم القيامة، يبعثهم الله ثم إليه يرجعون، ويحتمل أن المراد بالآية، على ظاهرها، وأن الله تعالى يقرر المعاد، وأنه سيبعث الأموات يوم القيامة ثم ينبئهم بما كانوا يعملون.
ويكون هذا، متضمنا للترغيب في الاستجابة لله ورسوله، والترهيب من عدم ذلك.
(37) وقالوا أي: المكذبون بالرسول، تعنتا وعنادا: لولا نزل عليه آية من ربه يعنون بذلك آيات الاقتراح، التي يقترحونها بعقولهم الفاسدة وآرائهم الكاسدة.
كقولهم: وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا أو تأتي بالله والملائكة قبيلا... الآيات.
قل مجيبا لقولهم إن الله قادر على أن ينزل آية فليس في قدرته قصور عن ذلك كيف وجميع الأشياء منقادة لعزته مذعنة لسلطانه؟
ولكن أكثر الناس لا يعلمون فهم لجهلهم وعدم علمهم يطلبون ما هو شر لهم من الآيات التي لو جاءتهم فلم يؤمنوا بها لعوجلوا بالعقاب كما هي سنة الله التي لا تبديل لها ومع هذا فإن كان قصدهم الآيات التي تبين لهم الحق وتوضح السبيل فقد أتى محمد صلى الله عليه وسلم بكل آية قاطعة وحجة ساطعة دالة على ما جاء به من الحق بحيث يتمكن العبد في كل مسألة من مسائل الدين أن يجد فيما جاء به عدة أدلة عقلية ونقلية بحيث لا تبقي في القلوب أدنى شك وارتياب فتبارك الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وأيده بالآيات البينات ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة وإن الله لسميع عليم .