والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير
[ ص: 418 ] (38) السارق: هو من أخذ مال غيره المحترم خفية، بغير رضاه. وهو من كبائر الذنوب الموجبة لترتب العقوبة الشنيعة، وهو قطع اليد اليمنى، كما هو في قراءة بعض الصحابة.
وحد اليد عند الإطلاق من الكوع، فإذا سرق قطعت يده من الكوع، وحسمت في زيت لتنسد العروق فيقف الدم، ولكن السنة قيدت عموم هذه الآية من عدة أوجه:
منها: . فلو سرق من غير حرز فلا قطع عليه. الحرز، فإنه لا بد أن تكون السرقة من حرز، وحرز كل مال: ما يحفظ به عادة
ومنها: أنه أو ما يساوي أحدهما، فلو سرق دون ذلك فلا قطع عليه. لا بد أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم،
ولعل هذا يؤخذ من لفظ السرقة ومعناها، فإن لفظ "السرقة" أخذ الشيء على وجه لا يمكن الاحتراز منه، وذلك أن يكون المال محرزا، فلو كان غير محرز لم يكن ذلك سرقة شرعية.
ومن الحكمة أيضا أن فلما كان لا بد من التقدير، كان التقدير الشرعي مخصصا للكتاب. لا تقطع اليد في الشيء النزر التافه،
أن ذلك حفظ للأموال، واحتياط لها، وليقطع العضو الذي صدرت منه الجناية، فإن عاد السارق قطعت رجله اليسرى، فإن عاد، فقيل: تقطع يده اليسرى، ثم رجله اليمنى، وقيل: يحبس حتى يموت. وقوله: والحكمة في قطع اليد في السرقة، جزاء بما كسبا أي: ذلك القطع جزاء للسارق بما سرقه من أموال الناس.
نكالا من الله أي: تنكيلا وترهيبا للسارق ولغيره، ليرتدع السراق -إذا علموا- أنهم سيقطعون إذا سرقوا.
والله عزيز حكيم أي: عز وحكم فقطع السارق.
(39) فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم فيغفر لمن تاب فترك الذنوب، وأصلح الأعمال والعيوب.
(40) وذلك أن الله له ملك السماوات والأرض، يتصرف فيهما بما شاء من التصاريف القدرية والشرعية، والمغفرة والعقوبة، بحسب ما اقتضته حكمته ورحمته الواسعة ومغفرته.