ألم يأتكم نبأ الذين كفروا من قبل فذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليم ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله والله غني حميد
لما ذكر تعالى من أوصافه الكاملة العظيمة، ما به يعرف ويعبد، ويبذل الجهد في مرضاته، وتجتنب مساخطه، أخبر بما فعل بالأمم السابقين، والقرون الماضين، الذين لم تزل أنباؤهم يتحدث بها المتأخرون، ويخبر بها الصادقون، وأنهم حين جاءتهم رسلهم بالحق، كذبوهم وعاندوهم، فأذاقهم الله وبال أمرهم [ ص: 1837 ] في الدنيا، وأخزاهم فيها، ولهم عذاب أليم في الدار الآخرة، ولهذا ذكر السبب في هذه العقوبة فقال: ذلك النكال والوبال، الذي أحللناه بهم بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات أي: بالآيات الواضحات، الدالة على الحق والباطل، فاشمأزوا، واستكبروا على رسلهم، فقالوا أبشر يهدوننا أي: فليس لهم فضل علينا، ولأي شيء خصهم الله دوننا، كما قال في الآية الأخرى: قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده فهم حجروا فضل الله ومنته على أنبيائه أن يكونوا رسلا للخلق، واستكبروا عن الانقياد لهم، فابتلوا بعبادة الأشجار والأحجار ونحوها فكفروا بالله وتولوا عن طاعة الله، واستغنى الله عنهم، فلا يبالي بهم، ولا يضره ضلالهم شيئا، والله غني حميد أي: هو الغني، الذي له الغنى التام المطلق، من جميع الوجوه، الحميد في أقواله وأفعاله وأوصافه.