إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم
إن المصدقين والمصدقات بالتشديد أي: الذين أكثروا من الصدقات الشرعية، والنفقات المرضية، وأقرضوا الله قرضا حسنا بأن قدموا من أموالهم في طرق الخيرات ما يكون ذخرا لهم عند ربهم، يضاعف لهم الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، ولهم أجر كريم وهو ما أعده الله لهم في الجنة، مما لا تعلمه النفوس.
والذين آمنوا بالله ورسله والإيمان عند أهل السنة: ما دل عليه الكتاب والسنة، هو قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، فيشمل ذلك جميع شرائع الدين الظاهرة والباطنة، فالذين جمعوا بين هذه الأمور هم الصديقون أي: الذين مرتبتهم فوق مرتبة عموم المؤمنين، ودون مرتبة الأنبياء.
وقوله: والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم كما ورد في الحديث الصحيح: وهذا يقتضي شدة علوهم ورفعتهم، وقربهم من الله تعالى. ( إن في الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، أعدها الله للمجاهدين في سبيله )
والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم فهذه الآيات جمعت أصناف الخلق، المتصدقين، والصديقين، والشهداء، وأصحاب [ ص: 1781 ] الجحيم، فالمتصدقون الذين كان جل عملهم الإحسان إلى الخلق، وبذل النفع لهم بغاية ما يمكنهم، خصوصا بالنفع بالمال في سبيل الله.
والصديقون هم الذين كملوا مراتب الإيمان والعمل الصالح، والعلم النافع، واليقين الصادق، والشهداء هم الذين قاتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وبذلوا أنفسهم وأموالهم فقتلوا، وأصحاب الجحيم هم الكفار الذين كذبوا بآيات الله.
وبقي قسم ذكرهم الله في سورة فاطر، وهم المقتصدون الذين أدوا الواجبات وتركوا المحرمات، إلا أنهم حصل منهم تقصير بحقوق الله وحقوق عباده، فهؤلاء مآلهم الجنة، وإن حصل لبعضهم عقوبة ببعض ما فعل.