ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد [ ص: 1700 ] إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد
يخبر تعالى، أنه المتفرد بخلق جنس الإنسان، ذكورهم وإناثهم، وأنه يعلم أحواله، وما يسره، وتوسوس به نفسه وأنه أقرب إليه من حبل الوريد، الذي هو أقرب شيء إلى الإنسان، وهو العرق المكتنف لثغرة النحر، وهذا مما يدعو الإنسان إلى مراقبة خالقه، المطلع على ضميره وباطنه، القريب إليه في جميع أحواله، فيستحي منه أن يراه، حيث نهاه، أو يفقده، حيث أمره، وكذلك ينبغي له أن يجعل الملائكة الكرام الكاتبين منه على بال، فيجلهم ويوقرهم، ويحذر أن يفعل أو يقول ما يكتب عنه، مما لا يرضي رب العالمين، ولهذا قال: إذ يتلقى المتلقيان أي: يتلقيان عن العبد أعماله كلها، واحد عن اليمين يكتب الحسنات ( و ) الآخر " عن الشمال " يكتب السيئات، وكل منهما قعيد بذلك متهيئ لعمله الذي أعد له، ملازم له .
ما يلفظ من قول خير أو شر إلا لديه رقيب عتيد أي: مراقب له، حاضر لحاله، كما قال تعالى: وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين .