قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون
(30) أي: أرشد المؤمنين، وقل لهم - الذين معهم إيمان يمنعهم من وقوع ما يخل بالإيمان -: يغضوا من أبصارهم عن النظر إلى العورات وإلى النساء الأجنبيات، وإلى المردان، الذين يخاف بالنظر إليهم الفتنة، وإلى زينة الدنيا التي تفتن، وتوقع في المحذور، ويحفظوا فروجهم عن أو ما دون ذلك، وعن التمكين من مسها، والنظر إليها. الوطء الحرام، في قبل أو دبر، ذلك الحفظ للأبصار والفروج أزكى لهم أطهر وأطيب، وأنمى لأعمالهم، فإن من وزكت أعماله بسبب ترك المحرم، الذي تطمع إليه النفس وتدعو إليه، فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ومن حفظ فرجه وبصره طهر من الخبث الذي يتدنس به أهل الفواحش، أنار الله بصيرته، ولأن العبد إذا حفظ فرجه وبصره عن الحرام ومقدماته مع داعي الشهوة كان حفظه لغيره أبلغ، ولهذا سماه الله حفظا، فالشيء المحفوظ إن لم يجتهد حافظه في مراقبته وحفظه وعمل الأسباب الموجبة لحفظه لم ينحفظ، كذلك البصر والفرج إن لم يجتهد العبد في حفظهما أوقعاه في بلايا ومحن. [ ص: 1163 ] وتأمل كيف أمر بحفظ الفرج مطلقا؛ لأنه لا يباح في حالة من الأحوال، وأما البصر فقال: غض بصره عن المحرم يغضوا من أبصارهم أتى بأداة "من" الدالة على التبعيض، فإنه يجوز النظر في بعض الأحوال لحاجة، كنظر الشاهد والمعامل والخاطب ونحو ذلك. ثم ذكرهم بعلمه بأعمالهم؛ ليجتهدوا في حفظ أنفسهم من المحرمات.