وكذا في قوله عز وجل : ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء والله على كل شيء قدير
ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض فإن عنوان الألوهية مدار أحكام ملكوتهما ، والجار والمجرور خبر مقدم ، و" ملك السماوات والأرض " مبتدأ ، والجملة خبر لأن ، وهي مع ما في حيزها سادة مسد مفعولي تعلم عند الجمهور ، وما فيه من تكرير الإسناد لتقوية الحكم ، والخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق التلوين . وقيل : لكل أحد صالح للخطاب ، والاستفهام الإنكاري لتقرير العلم ، والمراد به : الاستشهاد بذلك على قدرته تعالى ، [ ص: 36 ] على ما سيأتي من التعذيب والمغفرة على أبلغ وجه وأتمه ; أي : ألم تعلم أن الله له السلطان القاهر ، والاستيلاء الباهر المستلزمان للقدرة التامة على التصرف الكلي فيهما ، وفيما فيهما إيجادا وإعداما ، وإحياء وإماتة ، إلى غير ذلك حسبما تقتضيه مشيئته .
يعذب من يشاء أن يعذبه .
ويغفر لمن يشاء أن يغفر له من غير ند يساهمه ولا ضد يزاحمه ، وتقديم التعذيب على المغفرة لمراعاة ما بين سببيهما من الترتيب . والجملة إما تقرير لكون ملكوت السماوات والأرض له سبحانه ، أو خبر لأن .
والله على كل شيء قدير فيقدر على ما ذكر من التعذيب والمغفرة ، والإظهار في موقع الإضمار لما مر مرارا ، والجملة تذييل مقرر لما قبلها .