اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون
اتخذوا أيمانهم الفاجرة التي من جملتها ما حكي عنهم. جنة أي: وقاية عما يتوجه إليهم من مؤاخذة بالقتل والسبي أو غير ذلك واتخاذها جنة عبارة عن إعدادهم وتهيئتهم لها إلى وقت الحاجة ليحلفوا بها ويتخلصوا عن المؤاخذة لا عن استعمالها بالفعل فإن ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية، واتخاذ الجنة لا بد أن يكون قبل المؤاخذة وعن سببها أيضا كما يفصح عنه الفاء في قوله تعالى: فصدوا عن سبيل الله أي: فصدوا من أراد الدخول في الإسلام بأنه عليه الصلاة والسلام ليس برسول ومن أراد الإنفاق في سبيل الله بالنهي عنه كما سيحكى عنهم، ولا ريب في أن هذا الصد منهم متقدم على حلفهم بالفعل، وقرئ "إيمانهم" أي: ما أظهروه على ألسنتهم فاتخاذه جنة عبارة عن استعماله بالفعل فإنه وقاية دون دمائهم وأموالهم فمعنى قوله تعالى: فصدوا حينئذ فاستمروا على ما كانوا عليه من الصد والإعراض عن سبيله تعالى. إنهم ساء ما كانوا يعملون من النفاق والصد وفي "ساء" معنى التعجب وتعظيم أمرهم عند السامعين.