الذين يظاهرون منكم من نسائهم ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا وإن الله لعفو غفور
وقوله تعالى: الذين يظاهرون منكم من نسائهم شروع في بيان شأن الظهار في نفسه وحكمه المترتب عليه شرعا بطريق الاستئناف والظهار: أن يقول الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي، مشتق من الظهر وقد مر تفصيله في الأحزاب وألحق به الفقهاء تشبيهها بجزء محرم وفي "منكم" مزيد توبيخ للعرب وتهجين لعادتهم فيه فإنه كان من أيمان أهل جاهليتهم خاصة دون سائر الأمم، وقرئ "يظاهرون" و"يظهرون"، وقوله تعالى: ما هن أمهاتهم خبر للموصول أي: ما نساؤهم أمهاتهم على الحقيقة فهو كذب بحت، وقرئ "أمهاتهم" بالرفع على لغة تميم و"بأمهاتهم". إن أمهاتهم أي: ما هن. إلا اللائي ولدنهم فلا تشبه بهن في الحرمة إلا من ألحقها الشرع بهن من المرضعات وأزواج النبي عليه الصلاة والسلام فدخلن بذلك في حكم الأمهات، وأما الزوجات فأبعد شيء من الأمومة. وإنهم ليقولون بقولهم ذلك. منكرا من القول على أن مناط التأكيد ليس صدور القول عنهم فإنه أمر محقق بل كونه منكرا أي: عند الشرع وعند العقل والطبع أيضا كما يشعر به تنكيره ونظيره قوله تعالى: إنكم لتقولون قولا عظيما . وزورا أي: محرفا عن الحق. وإن الله لعفو غفور أي: مبالغ في العفو والمغفرة فيغفر لما سلف منه على الإطلاق أو بالمتاب عنه.