ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان
ولمن خاف مقام ربه شروع في تعداد الآلاء الفائضة عليهم في الآخرة بعد تعداد ما وصل إليهم في الدنيا من الآلاء الدينية والدنيوية، واعلم أن ما عدد فيما بين هذه الآية وبين خاتمة السورة الكريمة من فنون الكرامات كما أن أنفسها آلاء جليلة واصلة إليهم في الآخرة كذلك حكاياتها الواصلة إليهم في الدنيا آلاء عظيمة لكونها داعية لهم إلى السعي في تحصيل ما يؤدي إلى نيلها من الإيمان والطاعة وأن ما فصل من فاتحة السورة الكريمة إلى قوله تعالى: كل يوم هو في شأن من النعم الدينية والدنيوية والأنفسية والآفاقية آلاء جليلة واصلة إليهم في الدنيا وكذلك حكاياتها من حيث إيجابها للشكر والمثابرة على [ ص: 184 ] ما يؤدي إلى استدامتها، وأما ما عدد فيما بين قوله تعالى: سنفرغ لكم و بين هذه الآية من الأحوال الهائلة التي ستقع في الآخرة فليست هي من قبيل الآلاء وإنما الآلاء حكاياتها الموجبة للانزجار عما يؤدي إلى الابتلاء بها من الكفر والمعاصي كما أشير إليه في تضاعيف تعدادها ومقامه تعالى موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم يقوم الناس لرب العالمين أو قيامه تعالى على أحواله، من قام عليه إذا راقبه أو مقام الخائف عند ربه للحساب بأحد المعنيين، وإضافته إلى الرب للتفخيم والتهويل أو مقحم للتعظيم. جنتان جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجني فإن الخطاب للفريقين فالمعنى: لكل خائفين منكما أو لكل واحد جنة لعقيدته وأخرى لعمله أو جنة لفعل الطاعات وأخرى لترك المعاصي أو جنة يثاب بها وأخرى يتفضل بها عليه أو روحانية وجسمانية، وكذا ما جاء مثنى بعد فبأي آلاء ربكما تكذبان