بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون
وقوله تعالى : بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر إضراب عما توهما ببيان أن الداعي إلى حفظهم تمتيعنا إياهم بما قدر لهم من الأعمال ، أو عن الدلالة على بطلانه بيان ما أوهمهم ذلك هو أنه تعالى متعهم بالحياة الدنيا وأمهلهم حتى طالت أعمارهم فحسبوا أن لا يزالوا كذلك وأنه بسبب ما هم عليه ، [ ص: 70 ] ولذلك عقب بما يدل على أنه طمع فارغ ، وأمل كاذب . حيث قيل : أفلا يرون أي : ألا ينظرون فلا يرون أنا نأتي الأرض أي : أرض الكفرة ننقصها من أطرافها فكيف يتوهمون أنهم ناجون من بأسنا ؟ . وهو تمثيل وتصوير لما يخربه الله عز وجل من ديارهم على أيدي المسلمين ويضيفها إلى دار الإسلام .
أفهم الغالبون على رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ، والفاء لإنكار ترتيب الغالبية على ما ذكر من نقص أرض الكفرة بتسليط المسلمين عليها ، كأنه قيل : أبعد ظهور ما ذكر ورؤيتهم له يتوهم غلبتهم كما مر في قوله تعالى : أفمن كان على بينة من ربه وقوله تعالى : قل أفاتخذتم من دونه أولياء وفي التعريف تعريض بأن المسلمين هم المتعينون للغلبة المعروفون بها .