بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون
بل نقذف بالحق على الباطل إضراب عن اتخاذ اللهو بل عن إرادته ، كأنه قيل : لكنا لا نريده بل شأننا أن نغلب الحق الذي من جملته الجد على الباطل الذي من قبيله اللهو ، وتخصيص شأنه هذا من بين سائر شئونه تعالى بالذكر للتخلص إلى ما سيأتي من الوعيد . فيدمغه أي : يمحقه بالكلية كما فعلنا بأهل القرى المحكية ، وقد استعير لإيراد الحق على الباطل القذف الذي هو الرمي الشديد بالجرم الصلب كالصخرة ، ولمحقه للباطل الدمغ الذي هو كسر الشيء الرخو الأجوف ، وهو الدماغ بحيث يشق غشاءه المؤدي إلى زهوق الروح تصويرا له بذلك . وقرئ : "فيدمغه" بالنصب وهو ضعيف . وقرئ : "فيدمغه" بضم الميم .
فإذا هو زاهق أي : ذاهب بالكلية . وفي "إذا" الفجائية والجملة الاسمية من الدلالة على كمال المسارعة في الذهاب والبطلان ما لا يخفى ، فكأنه زاهق من الأصل .
ولكم الويل مما تصفون وعيد لقريش بأن لهم أيضا مثل ما لأولئك من العذاب والعقاب . و"من" تعليلية متعلقة بالاستقرار الذي تعلق به الخبر ، أو بمحذوف هو حال من الويل ، أو من ضميره في الخبر . و"ما" إما مصدرية ، أو موصولة ، أو موصوفة ، أي : واستقر لكم الويل والهلاك من أجل وصفكم له سبحانه بما لا يليق بشأنه الجليل ، أو بالذي تصفونه به من الولد ، أو كائنا مما تصفونه تعالى به .