قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا
قيما بالمصالح الدينية والدنيوية للعباد على ما ينبئ عنه ما بعده من الإنذار والتبشير، فيكون وصفا له بالتكميل بعد وصفه بالكمال، أو على ما قبله من الكتب السماوية شاهدا بصحتها ومهيمنا عليها، أو متناهيا في الاستقامة فيكون تأكيدا لما دل عليه نفي العوج مع إفادة كون ذلك من ، حسبما تنبئ عنه الصيغة لا أنه نفي عنه العوج مع كونه من شأنه ، وانتصابه على تقدير كون الجملة المتقدمة معطوفة على الصلة بمضمر ينبئ عنه نفي العوج تقديره: جعله قيما. وأما على تقدير كونها حالية فهو على الحالية من الكتاب، إذ لا فصل حينئذ بني أبعاض المعطوف عليه بالمعطوف. وقرئ: (قيما) صفاته الذاتية اللازمة له لينذر متعلق بأنزل. والفاعل ضمير الجلالة كما في الفعلين المعطوفين عليه، والإطلاق عن ذكر المفعول الأول للإيذان بأن ما سيق له الكلام هو [ ص: 203 ] المفعول الثاني، وأن الأول ظاهر لا حاجة إلى ذكره، أي: أنزل الكتاب لينذر بما فيه الذين كفروا له. بأسا أي: عذابا. شديدا من لدنه أي: صادرا من عنده، نازلا من قبله بمقابلة كفرهم وتكذيبهم. وقرئ: (من لدنه) بسكون الدال مع إشمام الضمة، وكسر النون لالتقاء الساكنين، وكسر الهاء للإتباع. ويبشر بالتشديد. وقرئ بالتخفيف. المؤمنين أي: المصدقين به. الذين يعملون الصالحات الأعمال الصالحة التي بينت في تضاعيفه، وإيثار صيغة الاستقبال في الصلة للإشعار بتجدد الأعمال الصالحة، واستمرارها، وإجراء الموصول على موصوفه المذكور لما أن مدار قبول الأعمال هو الإيمان. أن لهم أي: بأن لهم بمقابلة إيمانهم، وأعمالهم المذكورة. أجرا حسنا هو الجنة، وما فيها من المثوبات الحسنى.