ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا
ذلك أي: الذي تقدم من التكاليف المفصلة. مما أوحى إليك ربك أي: بعض منه، أو من جنسه. من الحكمة التي هي علم الشرائع، أو معرفة الحق لذاته، والعمل به. أو من الأحكام المحكمة التي لا يتطرق إليها النسخ والفساد. وعن رضي الله عنهما أن هذه الآيات الثماني عشرة كانت في ألواح ابن عباس موسى عليه السلام، أولها: لا تجعل مع الله إلها آخر . قال تعالى: وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وهي عشر آيات في التوراة، و "من" إما متعلقة بـ "أوحى" على أنها تبعيضية، أو ابتدائية. وإما بمحذوف وقع حالا من الموصول، أو من ضميره المحذوف في الصلة، أي: كائنا من الحكمة، وإما بدل من الموصول بإعادة الجار. ولا تجعل مع الله إلها آخر الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم، والمراد غيره ممن يتصور منه صدور المنهي عنه، وقد كرر للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر، ومنتهاه، وأنه رأس كل حكمة وملاكها، ومن عدمه لم ينفعه علومه، وحكمه، وإن بذ فيها أساطين الحكماء وحك بيافوخه عنان السماء، وقد رتب عليه ما هو عائدة الإشراك، أو لا حيث قيل: فتقعد مذموما مخذولا، ورتب عليه ههنا نتيجته في العقبى فقيل: فتلقى في جهنم ملوما من جهة نفسك، ومن جهة غيرك. مدحورا مبعدا من رحمة الله تعالى، وفي إيراد الإلقاء مبنيا للمفعول جري على سنن الكبرياء وازدراء بالمشرك، وجعل له من قبيل خشبة يأخذها آخذ بكفه فيطرحها في التنور.