وبعد ما نبه على صنعه الكلي المنطوي على تفاصيل مخلوقاته، شرع في تعداد ما فيه من خلائقه، فبدأ بفعله المتعلق بالأنفس فقال:
خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين
خلق الإنسان أي: هذا النوع غير الفرد الأول منه من نطفة جماد لا حس له، ولا حراك ، سيال، لا يحفظ شكلا، ولا وضعا. فإذا هو بعد الخلق خصيم منطيق مجادل عن نفسه، مكافح للخصوم مبين لحجته لقن بها، وهذا أنسب بمقام ، أو مخاصم لخالقه، منكر له قائل من يحيي العظام وهي رميم، وهذا أنسب بمقام تعداد هنات الكفرة. روي الامتنان بإعطاء القدرة على الاستدلال بذلك على قدرته تعالى، ووحدته أن أبي بن خلف الجمحي أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم رميم، فقال: يا محمد ، أترى الله تعالى يحيي هذا بعدما قد رم؟ فنزلت.