مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء
مهطعين مسرعين إلى الداعي، مقبلين عليه بالخوف والذل والخشوع، أو مقبلين بأبصارهم عليه، لا يقلعون عنه، ولا يطرفون هيبة وخوفا، وحيث كان إدامة النظر ههنا بالنظر إلى الداعي، قيل: مقنعي رءوسهم أي: رافعيها مع إدامة النظر من غير التفات إلى شيء، قاله العتبي، وابن عرفة. أو ناكسيها. ويقال: أقنع رأسه، أي: طأطأها، ونكسها. فهو من الأضداد، وهما حالان مما دل عليه الأبصار من أصحابها. والثاني: حال متداخلة من الضمير في الأول، وإضافته غير حقيقية، فلا ينافي الحالية، لا يرتد إليهم طرفهم أي: لا يرجع إليهم تحريك أجفانهم، حسبما كان يرجع إليهم كل لحظة، بل تبقى أعينهم مفتوحة لا تطرف، أو لا ترجع إليهم أجفانهم التي هي آلة الطرف، فيكون إسناد الرجوع إلى الطرف مجازيا، أو هو نفس الجفن. قال الفيروزابادي : الطرف: العين لا يجمع، لأنه مصدر في الأصل، أو اسم جامع للعين، أو لا يرجع نظرهم إلى أنفسهم فضلا عن أن يرجع إلى شيء آخر [ ص: 56 ] فيبقون مبهوتين، وهو أيضا حال، أو بدل من مقنعي... إلخ. أو استئناف، والمعنى: لا يزول ما اعتراهم من شخوص الأبصار، وتأخيره عمن هو من تتمته من الإهطاع، والإقناع مع ما بينه وبين الشخوص المذكور من المناسبة لتربية هذا المعنى. وأفئدتهم هواء خالية من العقل والفهم، لفرط الحيرة والدهش، كأنها نفس الهواء الخالي من كل شاغل، ومنه قيل للجبان والأحمق: قلبه هواء، أي: لا قوة، ولا رأي فيه، واعتبار خلوها عن كل خير لا يناسب المقام، وهو إما حال عاملها لا يرتد مفيدة لكون شخوص أبصارهم، وعدم ارتداد طرفهم بلا فهم، ولا اختيار. أو جملة مستقلة.