وقال الذين اتبعوا ؛ حين عاينوا تبرؤ الرؤساء منهم؛ وندموا على ما فعلوا من اتباعهم لهم في الدنيا: لو أن لنا كرة ؛ أي: ليت لنا رجعة إلى الدنيا؛ فنتبرأ منهم ؛ هناك؛ كما تبرءوا منا ؛ اليوم؛ كذلك : إشارة إلى مصدر الفعل الذي بعده؛ لا إلى شيء آخر مفهوم مما سبق؛ وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجة المشار إليه؛ وبعد منزلته؛ مع كمال تميزه عما عداه؛ وانتظامه في سلك الأمور المشاهدة. والكاف مقحمة لتأكيد ما أفاده اسم الإشارة من الفخامة؛ ومحله النصب على المصدرية؛ أي: ذلك الإراء الفظيع؛ يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ؛ أي: ندامات شديدة؛ فإن الحسرة شدة الندم؛ والكمد؛ وهي تألم القلب؛ وانحساره عما يؤلمه؛ واشتقاقها من قولهم: "بعير حسير"؛ أي: منقطع القوة؛ وهي ثالث مفاعيل "يري"؛ إن كان من رؤية القلب؛ وإلا فهي حال؛ والمعنى: أن أعمالهم تنقلب حسرات عليهم؛ فلا يرون إلا حسرات مكان أعمالهم؛ وما هم بخارجين من النار : كلام مستأنف؛ لبيان حالهم بعد دخولهم النار؛ والأصل: "وما يخرجون"؛ والعدول إلى الاسمية لإفادة دوام نفي الخروج؛ والضمير للدلالة على قوة أمرهم فيما أسند إليهم؛ كما في قوله:
هم يفرشون اللبد كل طمرة ... وأجرد سباق يبذ المغاليا