قوله عز وجل:
ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون
روي أن بعض الناس لما نزلت آية الاستئذان تعمق في الأمر، فكان لا يأتي موضعا خربا ولا مسكونا إلا سلم واستأذن، فنزلت هذه الآية، لأن العلة إنما هي في الاستئذان خوف الكشفة على الحرمات، فإذا زالت العلة زال الحكم. أباح الله تعالى فيها رفع الاستئذان في كل بيت لا يسكنه أحد;
ومثل أهل التأويل من هذه البيوت أمثلة، فقال ، محمد بن الحنفية ، وقتادة : هي الفنادق التي في طرق المسافرين، قال ومجاهد : لا يسكنها أحد، بل هي [ ص: 372 ] موقوفة ليأوي إليها كل ابن سبيل، وفيها متاع لهم، أي استمتاع بمنفعتها، ومثل مجاهد في بيوت غير مسكونة بالخرب التي يدخلها الإنسان للبول والغائط، ففي هذا أيضا متاع، وقال عطاء ابن زيد : هي حوانيت القيساريات والسوق، وقال والشعبي : لأنهم جاؤوا ببيوعهم فجعلوها فيها وقالوا للناس: هلم، وهذا قول غلط قائله، وذلك أن بيوت القيسارية محظورة بأموال الناس، غير مباحة لكل من أراد دخولها بإجماع، ولا يدخلها إلا من أذن له بها، بل إن أربابها موكلون بدفع الناس عنها. وقال الشعبي أيضا: أراد تعالى دور محمد بن الحنفية مكة ، وهذا على القول بأنها غير متملكة، وأن الناس شركاء فيها، وأن مكة أخذت عنوة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
وهذا هو في هذه المسألة القول الضعيف، يرده قوله عليه الصلاة والسلام: عقيل منزلا ، وقوله: وهل ترك لنا أبي سفيان ومن دخل داره، وغير ذلك من وجوه النظر. من دخل دار
وباقي الآية بين، ظاهره التوعد.
[ ص: 373 ]