ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون
لما : ظرف لـ"أهلكنا"، والواو في وجاءتهم : للحال، أي: ظلموا بالتكذيب، وقد جاءتهم رسلهم بالحجج والشواهد على صدقهم وهي المعجزات. وقوله: وما كانوا ليؤمنوا : يجوز أن يكون عطفا على ظلموا، وأن يكون اعتراضا، واللام لتأكيد النفي، يعني: ما كانوا يؤمنون حقا; تأكيدا لنفي إيمانهم، وأن الله قد علم منهم أنهم يصرون على كفرهم، وأن الإيمان مستبعد منهم، والمعنى: أن السبب في إهلاكهم تكذيبهم الرسل، وعلم الله أنه لا فائدة في إمهالهم بعد أن ألزموا الحجة ببعثه الرسل، كذلك : مثل ذلك الجزاء، يعني: الإهلاك، نجزي : كل مجرم، وهو وعيد لأهل مكة على إجرامهم بتكذيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقرئ: "يجزي" بالياء، ثم جعلناكم : الخطاب للذين بعث إليهم محمد -صلى الله عليه وسلم- أي: استخلفناكم في الأرض بعد القرون التي أهلكنا، لننظر : أتعملون خيرا أم شرا فنعاملكم على حسب عملكم، و كيف : في محل النصب بتعلمون لا ينتظر، لأن معنى الاستفهام فيه يحجب أن يتقدم عليه عامله.
فإن قلت: كيف جاز النظر على الله -تعالى- وفيه معنى المقابلة؟
قلت: هو مستعار للعلم المحقق، الذي هو العلم بالشيء موجودا شبه بنظر الناظر، وعيان المعاين في تحققه.