وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم
قرأ : "وما استغفر إبراهيم لأبيه"، وعنه: "وما يستغفر إبراهيم"، على حكاية الحال الماضية، طلحة إلا عن موعدة وعدها إياه أي: وعدها إبراهيم أباه، وهو قوله: لأستغفرن لك [الممتحنة: 4]، ويدل عليه قراءة الحسن الراوية: "وعدها أباه" . وحماد
فإن قلت: كيف خفي على إبراهيم أن الاستغفار للكافر غير جائز حتى وعده ؟
قلت: يجوز أن يظن أنه ما دام يرجى منه الإيمان، جاز الاستغفار له، على أن امتناع جواز الاستغفار للكافر إنما علم بالوحي، لأن العقل يجوز أن يغفر الله للكافر; ألا ترى إلى قوله -عليه السلام- لعمه: وعن "لأستغفرن لك ما لم أنه"، الحسن: قيل لرسول الله [ ص: 99 ] -صلى الله عليه وسلم-: إن فلانا يستغفر لآبائه المشركين، فقال: "ونحن نستغفر لهم" فنزلت. وعن -رضي الله عنه -: رأيت رجلا يستغفر لأبويه، وهما: مشركان، فقلت له، فقال: أليس قد استغفر علي إبراهيم.
فإن قلت: فما معنى قوله: فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ؟
قلت: معناه: فلما تبين له من جهة الوحي أنه لن يؤمن وأنه يموت كافرا وانقطع رجاؤه عنه، قطع استغفاره; فهو كقوله: من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم . لأواه : فعال، من أوه كلأل من اللؤلؤ، وهو الذي يكثر التأوه، ومعناه: أنه لفرط ترحمه، ورقته، وحلمه كان يتعطف على أبيه الكافر، ويستغفر له، مع شكاسته عليه، وقوله: " لأرجمنك" .