ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون
روي: ثعلبة بن حاطب قال: يا رسول الله، ادع الله أن يرزقني مالا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا ثعلبة، قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه" فراجعه، وقال: والذي بعثك بالحق، لئن رزقني الله مالا لأعطين كل ذي حق حقه، فدعا له، فاتخذ غنما فنمت كما ينمى الدود حتى ضاقت بها المدينة، فنزل واديا وانقطع عن الجماعة والجمعة، فسأل عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقيل: كثر ماله حتى لا يسعه واد، قال: "يا ويح ثعلبة"، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مصدقين لأخذ الصدقات، فاستقبلهما الناس بصدقاتهم، ومرا [ ص: 71 ] بثعلبة، فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذي فيه الفرائض، فقال: ما هذه إلا جزية، ما هذه إلا أخت الجزية، وقال: ارجعا حتى أرى رأيي، فلما رجعا، قال لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يكلماه: يا ويح ثعلبة، مرتين; فنزلت، فجاءه ثعلبة بالصدقة، فقال: إن الله منعني أن أقبل منك، فجعل التراب على رأسه، فقال : هذا عملك قد أمرتك فلم تطعني، فقبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فجاء بها إلى -رضي الله عنه- فلم يقبلها، وجاء بها إلى أبي بكر -رضي الله عنه- في خلافته فلم يقبلها، وهلك في زمان عمر -رضي الله عنه- . عثمان وقرئ: "لنصدقن ولنكونن": بالنون الخفيفة فيهما، من الصالحين : قال أن -رضي الله عنه-: يريد الحج، ابن عباس فأعقبهم : عن الحسن -رضي الله عنهما-: أن الضمير: للبخل، يعني: فأورثهم البخل، وقتادة نفاقا : متمكنا، في قلوبهم : لأنه كان سببا فيه وداعيا إليه، والظاهر أن الضمير لله -عز وجل- والمعنى: فخذلهم حتى نافقوا، وتمكن في قلوبهم نفاقهم فلا ينفك عنها إلى أن يموتوا بسبب إخلافهم ما وعدوا الله من التصدق، والصلاح، وكونهم كاذبين، ومنه: جعل خلف الوعد ثلث النفاق، وقرئ: "يكذبون"، بالتشديد، و"ألم تعلموا" بالتاء عن -رضي الله عنه - . علي