إنا إلى ربنا منقلبون : فيه أوجه ، أن يريدوا : إنا لا نبالي بالموت ، لانقلابنا إلى لقاء ربنا ، ورحمته ، وخلاصنا منك ، ومن لقائك ، أو ننقلب إلى الله يوم الجزاء ، فيثيبنا على شدائد القطع والصلب ، أو إنا جميعا - يعنون أنفسهم - وفرعون ننقلب إلى الله فيحكم بيننا ، أو إنا لا محالة ميتون منقلبون إلى الله ، فما تقدر أن تفعل بنا إلا ما لا بد لنا منه وما تنقم منا إلا أن آمنا : وما تعيب منا إلا الإيمان بآيات الله ، أرادوا : وما تعيب منا إلا ما هو أصل المناقب والمفاخر كلها ، وهو الإيمان ; ومنه قوله [من الطويل] :
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم .................
[ ص: 491 ] أفرغ علينا صبرا : هب لنا صبرا واسعا وأكثره علينا ، حتى يفيض علينا ويغمرنا ، كما يفرغ الماء فراغا ، وعن بعض السلف : إن أحدكم ليفرغ على أخيه ذنوبا ثم يقول : قد مازحتك ، أي : يغمره بالحياء والخجل ، أو صب علينا ما يطهرنا من أوضار الآثام ، وهو الصبر على ما توعدنا به فرعون ; لأنهم علموا أنهم إذا استقاموا وصبروا ، كان ذلك مطهرة لهم وتوفنا مسلمين : ثابتين على الإسلام .