وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا
خافت من بعلها : توقعت منه ذلك لما لاح لها مخايله وأماراته ، والنشوز : أن يتجافى عنها بأن يمنعها نفسه ونفقته والمودة والرحمة التي بين الرجل والمرأة ، وأن يؤذيها بسب أو ضرب ، والإعراض : أن يعرض عنها بأن يقل محادثتها ومؤانستها ، وذلك لبعض الأسباب من طعن في سن ، أو دمامة ، أو شيء في خلق أو خلق ، أو ملال ، أو طموح عين إلى أخرى ، أو غير ذلك فلا بأس بهما في أن يصلحا بينهما ، وقرئ : يصالحا ، ويصالحا ، بمعنى : يتصالحا ، ويصطلحا ، ونحو أصلح : أصبر في اصطبر صلحا في معنى مصدر كل واحد من الأفعال الثلاثة ، ومعنى الصلح : أن يتصالحا على أن تطيب له نفسا عن القسمة أو عن بعضها ، كما فعلت حين كرهت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفت مكان سودة بنت زمعة من قلبه ، فوهبت لها يومها . كما روي أن امرأة [ ص: 157 ] أراد زوجها أن يطلقها لرغبته عنها وكان لها منه ولد فقالت : لا تطلقني ودعني أقوم على ولدي وتقسم لي في كل شهرين فقال : إن في هذا يصلح فهو أحب إلي ، فأقرها . أو تهب له بعض المهر ، أو كله ، أو النفقة; فإن لم تفعل فليس له إلا أن يمسكها بإحسان أو يسرحها عائشة والصلح خير من الفرقة أو من النشوز والإعراض وسوء العشرة . أو هو خير من الخصومة في كل شيء . أو الصلح خير من الخيور ، كما أن الخصومة شر من الشرور وهذه الجملة اعتراض ، وكذلك قوله وأحضرت الأنفس الشح ، ومعنى إحضار الأنفس الشح أن الشح جعل حاضرا لها لا يغيب عنها أبدا ولا تنفك عنه ، يعني أنها مطبوعة عليه والغرض أن المرأة لا تكاد تسمح بقسمتها وبغير قسمتها ، والرجل لا تكاد نفسه تسمح بأن يقسم لها وأن يمسكها إذا رغب عنها وأحب غيرها وإن تحسنوا بالإقامة على نسائكم وإن كرهتموهن وأحببتم غيرهن ، وتصبروا على ذلك مراعاة لحق الصحبة وتتقوا النشوز والإعراض وما يؤدي إلى الأذى والخصومة فإن الله كان بما تعملون من الإحسان والتقوى خبيرا وهو يثيبكم عليه ، وكان عمران بن حطان [ ص: 158 ] الخارجي من أدم بني آدم ، وامرأته من أجملهم ، فأجالت في وجهه نظرها يوما ثم تابعت الحمد لله ، فقال : ما لك؟ قالت حمدت الله على أني وإياك من أهل الجنة . قال : وكيف؟ قالت : لأنك رزقت مثلي فشكرت ، ورزقت مثلك فصبرت ، وقد وعد الله الجنة عباده الشاكرين والصابرين .