الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة قريب يستعجل بها [ ص: 402 ] الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد
أنزل الكتاب أي: جنس الكتاب، "والميزان" والعدل والتسوية. ومعنى إنزال العدل: أنه أنزله في كتبه المنزلة. وقيل: الذي يوزن به. "بالحق": ملتبسا بالحق، مقترنا به، بعيدا من الباطل، أو بالغرض الصحيح كما اقتضته الحكمة، أو بالواجب من التحليل والتحريم وغير ذلك، "الساعة" في تأويل البعث; فلذلك قيل: "قريب" أو لعل مجيء الساعة قريب. فإن قلت: كيف يوفق ذكر اقتراب الساعة مع إنزال الكتاب والميزان؟ قلت: لأن الساعة يوم الحساب ووضع الموازين للقسط، فكأنه قيل: أمركم الله بالعدل والتسوية والعمل بالشرائع قبل أن يفاجئكم اليوم الذي يحاسبكم فيه ويزن أعمالكم، ويوفى لمن أوفى ويطفف لمن طفف. المماراة: الملاجة; لأن كل واحد منهما يمري ما عند صاحبه لفي ضلال بعيد من الحق; لأن قيام الساعة غير مستبعد من قدرة الله، ولدلالة الكتاب المعجز على أنها آتية لا ريب فيها، ولشهادة العقول على أنه لا بد من دار الجزاء.