فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون
ما يأفكون ما يقلبونه عن وجهه وحقيقته بسحرهم وكيدهم ، ويزورونه فيخيلون في حبالهم وعصيهم أنها حيات تسعى ، بالتمويه على الناظرين أو إفكهم : سمى تلك الأشياء إفكا مبالغة . روي أنهم قالوا : إن يك ما جاء به موسى سحرا فلن يغلب ، وإن كان من عند الله فلن يخفى علينا ، فلما قذف عصاه فتلقفت ما أتوا به ، علموا أنه من الله فآمنوا . [ ص: 392 ] وعن -رضي الله عنه - : أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء ، وإنما عبر عن الخرور بالإلقاء ، لأنه ذكر مع الإلقاءات ، فسلك به طريق المشاكلة . وفيه أيضا مع مراعاة المشاكلة أنهم حين رأوا ما رأوا ، لم يتمالكوا أن رموا بأنفسهم إلى الأرض ساجدين ، كأنهم أخذوا فطرحوا طرحا . فإن قلت : فاعل الإلقاء ما هو لو صرح به ؟ قلت : هو الله عز وجل بما خولهم من التوفيق . أو إيمانهم . أو ما عاينوا من المعجزات الباهرة ، ولك أن لا تقدر فاعلا ؛ لأن "ألقوا" بمعنى خروا وسقطوا عكرمة رب موسى وهارون عطف بيان لرب العالمين ، لأن فرعون لعنة الله عليه كان يدعي الربوبية ، فأرادوا أن يعزلوه . ومعنى إضافته إليهما في ذلك المقام : أنه الذي يدعو إليه هذان ، والذي أجرى على أيديهما ما أجرى .