والتي أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين
أحصنت فرجها : إحصانا كليا من الحلال والحرام جميعا ؛ كما قالت : ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا [مريم : 20 ] .
فإن قلت : نفخ الروح في الجسد عبارة عن إحيائه ؛ قال الله تعالى : فإذا سويته ونفخت فيه من روحي [مريم : 72 ] ، أي : أحييته ، وإذا ثبت ذلك كان قوله : فنفخنا فيها من روحنا : ظاهر الإشكال ؛ لأنه يدل على إحياء مريم .
قلت : معناه نفخنا الروح في عيسى فيها ، أي : أحييناه في جوفها ؛ ونحو ذلك أن يقول الزمار : نفخت في بيت فلان ، أي : نفخت في المزمار في بيته ، ويجوز أن يراد : وفعلنا النفخ في مريم من جهة روحنا وهو جبريل -عليه السلام- لأنه نفخ في جيب درعها [ ص: 164 ] فوصل النفخ إلى جوفها .
فإن قلت : هلا قيل : آيتين كما قال : وجعلنا الليل والنهار آيتين [الإسراء : 12 ] .
قلت : لأن حالهما بمجموعهما آية واحدة ؛ وهي ولادتها إياه من غير فحل .