كانوا يستعجلون عذاب الله وآياته الملجئة إلى العلم والإقرار ، ويقولون متى هذا الوعد : فأراد نهيهم عن الاستعجال وزجرهم ، فقدم أولا ذم الإنسان على إفراط العجلة ، وأنه مطبوع عليها ، ثم نهاهم وزجرهم ، كأنه قال : ليس ببدع منكم أن تستعجلوا ؛ فإنكم مجبولون على ذلك وهو طبعكم وسجيتكم ، وعن -رضي الله عنه - : أنه أراد بالإنسان ابن عباس آدم -عليه السلام- وأنه حين بلغ الروح صدره ولم يتبالغ فيه أراد أن يقوم ، وروي أنه لما دخل الروح في عينه نظر إلى ثمار الجنة ، ولما دخل جوفه اشتهى الطعام ، وقيل : خلقه الله -تعالى- في آخر النهار يوم الجمعة قبل غروب الشمس ، فأسرع في خلقه قبل مغيبها ، وعن -رضي الله عنه- أنه ابن عباس النضر بن الحارث ، والظاهر : أن المراد الجنس ، وقيل : "العجل " : الطين ، بلغة حمير ؛ وقال شاعرهم : [من البسيط ]
والنخل ينبت بين الماء والعجل
والله أعلم بصحته .
[ ص: 146 ] فإن قلت : لم نهاهم عن الاستعجال مع قوله : خلق الإنسان من عجل وقوله : وكان الإنسان عجولا ، أليس هذا من تكليف ما لا يطاق ؟
قلت : هذا كما ركب في الشهوة وأمره أن يغلبها ؛ لأنه أعطاه القدرة التي يستطيع بها قمع الشهوة وترك العجلة ، وقرئ : "خلق الإنسان " .