[ ص: 625 ] قوله تعالى : لا يستوي القاعدون الآية .
أخرج ابن سعد، ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، والترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم في "المصاحف" وابن الأنباري في معجمه، والبغوي في "سننه" عن والبيهقي قال : البراء بن عازب لما نزلت : لا يستوي القاعدون من المؤمنين قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ادع فلانا» وفي لفظ : «ادع زيدا» فجاء ومعه الدواة واللوح والكتف، فقال : «اكتب : لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله» . وخلف النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، إني ضرير . فنزلت مكانها : ابن أم مكتوم، لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله .
وأخرج ابن سعد، ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن المنذر في "الدلائل"، وأبو نعيم من طريق والبيهقي قال : حدثني ابن شهاب أن سهل بن سعد الساعدي، أخبره : أن مروان بن الحكم أخبره، زيد بن ثابت وهو يملها علي، فقال : يا رسول الله، لو أستطيع الجهاد لجاهدت، وكان أعمى، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي، ثم سري عنه فأنزل الله : ابن أم مكتوم غير أولي الضرر . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه : (لا يستوي القاعدون والمجاهدون في سبيل الله) فجاء
[ ص: 626 ] قال هذا حديث حسن صحيح . قال : وفي هذا الحديث رواية رجل من الصحابة وهو الترمذي : عن رجل من التابعين، وهو سهل بن سعد، لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم . مروان بن الحكم،
وأخرج ، وابن سعد، سعيد بن منصور ، وأبو داوود، وأحمد ، وابن المنذر ، وابن الأنباري ، والطبراني وصححه من طريق والحاكم عن خارجة بن زيد بن ثابت، قال : زيد بن ثابت، وكان رجلا أعمى، لما سمع فضل المجاهدين : يا رسول الله، فكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين؟ فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي، فوجدت ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة الأولى، ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : «اقرأ يا ابن أم مكتوم، زيد» فقرأت : لا يستوي القاعدون من المؤمنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اكتب غير أولي الضرر » الآية، قال زيد : أنزلها الله وحدها فألحقتها، والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع في كتف . [ ص: 627 ] وأخرج كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سري عنه : فقال : «اكتب» فكتبت في كتف : (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) إلى آخر الآية، فقال ابن فهد في كتاب "فضائل مالك"، من طريق وابن عساكر عبد الله بن رافع قال : قدم هارون الرشيد المدينة، فوجه البرمكي إلى وقال له : احمل إلي الكتاب الذي صنفته حتى أسمعه منك، فقال مالك للبرمكي : أقرئه السلام وقل له : إن العلم يزار ولا يزور، وإن العلم يؤتى ولا يأتي، فرجع البرمكي إلى هارون فقال له : يا أمير المؤمنين يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى فخالفك! اعزم عليه حتى يأتيك . فإذا مالك بمالك قد دخل وليس معه كتاب وأتاه مسلما، فقال : يا أمير المؤمنين، إن الله جعلك في هذا الموضع لعلمك، فلا تكن أنت أول من يضع العلم فيضعك الله، ولقد رأيت من ليس في حسبك ولا بيتك يعز هذا العلم ويجله، فأنت أحرى أن تعز وتجل علم ابن عمك، ولم يزل يعدد عليه من ذلك حتى بكى هارون ثم قال أخبرني عن الزهري قال : خارجة بن زيد قال كنت أكتب بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في كتف : (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون)، زيد بن ثابت : وابن أم مكتوم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، قد أنزل الله في فضل الجهاد ما أنزل وأنا رجل ضرير، فهل لي من رخصة؟ فقال النبي الله صلى الله عليه وسلم : «لا أدري» قال زيد بن ثابت : وقلمي رطب ما جف حتى غشي النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، ووقع فخذه على فخذي حتى كادت تدق من ثقل الوحي، ثم جلي عنه فقال لي : «اكتب يا زيد : غير أولي الضرر » . فيا أمير المؤمنين، حرف واحد بعث به جبريل والملائكة عليهم السلام من مسيرة خمسين ألف عام حتى أنزل على نبيه صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي لي أن أعزه وأجله؟
وأخرج وحسنه النسائي، الترمذي ، وابن جرير ، وابن المنذر [ ص: 628 ] في "سننه" من طريق والبيهقي مقسم، عن أنه قال : ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر عن بدر، والخارجون إلى بدر، لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش، إنا أعميان يا رسول الله، فهل لنا رخصة؟ فنزلت : وابن أم مكتوم : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة، فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر، فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما، درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر .
وأخرج ، عبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، وابن جرير ، وابن المنذر من طريق وابن أبي حاتم مقسم، عن أنه قال : ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر والخارجون إليها .
وأخرج ، ابن جرير في "الكبير" بسند رجاله ثقات، عن والطبراني قال : زيد بن أرقم فقال : يا رسول الله، أما لي من رخصة؟ قال : «لا» قال : اللهم إني ضرير فرخص لي، فأنزل الله : ابن أم مكتوم غير أولي الضرر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتابتها . لما نزلت : (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) [ ص: 629 ] جاء
وأخرج ، عبد بن حميد والبزار، ، وأبو يعلى ، وابن حبان ، عن والطبراني الفلتان بن عاصم قال :
فقال للكاتب : «اكتب : (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله)» . فقام الأعمى فقال : يا رسول الله، ما ذنبنا؟ فأنزل الله، فقلنا للأعمى : إنه ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم . فخاف أن يكون ينزل عليه شيء في أمره، فبقي قائما يقول : أعوذ بغضب رسول الله . فقال للكاتب : «اكتب : غير أولي الضرر » . كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل عليه، وكان إذا أنزل عليه دام بصره مفتوحة عيناه، وفرغ سمعه وقلبه لما يأتيه من الله . قال : فكنا نعرف ذلك منه .
وأخرج من طريق ابن جرير العوفي ، عن ابن عباس : (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) فسمع بذلك الأعمى، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، قد أنزل الله في الجهاد ما قد [ ص: 630 ] علمت، وأنا رجل ضرير البصر لا أستطيع الجهاد، فهل لي من رخصة عند الله إن قعدت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما أمرت في شأنك بشيء، وما أدري هل يكون لك ولأصحابك من رخصة؟» فقال عبد الله بن أم مكتوم اللهم إني أنشدك بصري . فأنزل الله : ابن أم مكتوم : لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر .
وأخرج ، عبد بن حميد ، والطبراني ، من طريق والبيهقي عن أبي نضرة، في الآية قال : نزلت في قوم كانت تشغلهم أمراض وأوجاع، فأنزل الله عذرهم من السماء . ابن عباس
وأخرج ، سعيد بن منصور ، عن وعبد بن حميد قال : نزلت هذه الآية في أنس بن مالك ابن أم مكتوم : غير أولي الضرر لقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء .
وأخرج ، سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد عن وابن جرير قال : لما نزلت هذه الآية في الجهاد : عبد الله بن شداد لا يستوي القاعدون من المؤمنين قام ابن أم مكتوم فقال : يا رسول الله، إني ضرير كما ترى . فأنزل الله : غير أولي الضرر .
وأخرج عن عبد بن حميد قال : ذكر لنا أنه لما نزلت هذه الآية قال قتادة عبد الله [ ص: 631 ] بن أم مكتوم : يا نبي الله، عذري؟ فأنزل الله : غير أولي الضرر .
وأخرج عن ابن جرير سعيد قال : نزلت : (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) فقال رجل أعمى : يا نبي الله، فإني أحب الجهاد ولا أستطيع أن أجاهد، فنزلت : غير أولي الضرر .
وأخرج عن ابن جرير قال : لما نزلت هذه الآية قال السدي يا رسول الله، إني أعمى ولا أطيق الجهاد، فأنزل الله فيه : ابن أم مكتوم : غير أولي الضرر .
وأخرج ابن سعد، ، وعبد بن حميد ، من طريق وابن جرير زياد بن فياض، عن أبي عبد الرحمن قال : لما نزلت : لا يستوي القاعدون قال عمرو بن أم مكتوم : يا رب ابتليتني فكيف أصنع؟ فنزلت : غير أولي الضرر .
وأخرج ابن سعد، من طريق وابن المنذر ثابت عن قال : لما نزلت : (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله) قال عبد الرحمن بن أبي ليلى أي رب، أين عذري؟ أي رب أين عذري؟ فنزلت : ابن أم مكتوم : غير أولي الضرر فوضعت بينها وبين الأخرى، فكان بعد ذلك يغزو ويقول : ادفعوا إلي اللواء وأقيموني بين الصفين، فإني لن أفر .
وأخرج عن ابن المنذر قال : قتادة نزلت في أربع آيات، ابن أم مكتوم لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر ونزل فيه : ليس على الأعمى حرج [ ص: 632 ] ونزل فيه : فإنها لا تعمى الأبصار الآية [الحج : 46]، ونزل فيه : عبس وتولى [عبس : 1] فدعا به النبي صلى الله عليه وسلم فأدناه وقربه وقال : «أنت الذي عاتبني فيك ربي» .
وأخرج عن ابن أبي حاتم في الآية قال : لا يستوي في الفضل القاعد عن العدو والمجاهد سعيد بن جبير درجة يعني : فضيلة، وكلا يعني المجاهد والقاعد المعذور وفضل الله المجاهدين على القاعدين الذين لا عذر لهم أجرا عظيما درجات يعني : فضائل، وكان الله غفورا رحيما بفضل سبعين درجة .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر من طريق وابن أبي حاتم عن علي، في قوله : ابن عباس غير أولي الضرر قال : أهل العذر .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن جريج فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة قال : على أهل الضرر .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن وابن المنذر : قتادة وكلا وعد الله الحسنى أي الجنة، والله يؤتي كل ذي فضل فضله .
وأخرج عن ابن جرير : ابن جريج وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة [ ص: 633 ] قال : على القاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر .
وأخرج ، ابن جرير ، وابن المنذر ، عن وابن أبي حاتم : قتادة درجات منه ومغفرة ورحمة قال : كان يقال : الإسلام درجة، والهجرة درجة في الإسلام، والجهاد في الهجرة درجة، والقتل في الجهاد درجة .
وأخرج عن ابن جرير ابن وهب قال : سألت عن قول الله تعالى : ابن زيد وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه الدرجات هي السبع التي ذكرها في سورة "براءة" : ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب فقرأ حتى بلغ : أحسن ما كانوا يعملون قال : هذه السبع الدرجات . قال : كان أول شيء، فكانت مجملة، فكان الذي جاهد بماله له اسم في هذه، فلما جاءت هذه الدرجات بالتفضيل أخرج منها، ولم يكن له منها إلا النفقة فقرأ : درجة الجهاد لا يصيبهم ظمأ ولا نصب وقال : ليس هذا لصاحب النفقة . ثم قرأ : ولا ينفقون نفقة قال : وهذه نفقة القاعد .
وأخرج ، عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر عن وابن أبي حاتم في قوله : ابن محيريز وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات [ ص: 634 ] قال : الدرجات سبعون درجة، ما بين الدرجتين عدو الفرس الجواد المضمر سبعين سنة .
وأخرج في "المصنف" عن عبد الرزاق أبي مجلز في قوله : وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات قال : بلغني أنها سبعون درجة بين كل درجتين سبعون عاما للجواد المضمر .
وأخرج عن ابن المنذر في قوله : قتادة درجات منه ومغفرة ورحمة قال : ذكر لنا أن كان يقول : إن معاذ بن جبل : أول دفعة من دمه يكفر عنه بها ذنوبه، ويحلى عليه حلة الإيمان، ثم يفوز من العذاب، ثم يأمن من الفزع الأكبر، ثم يسكن الجنة، ويزوج من الحور العين . للقتيل في سبيل الله ست خصال من خير
وأخرج البخاري، في "الأسماء والصفات" عن والبيهقي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي هريرة «إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة» .
وأخرج ، عبد بن حميد ، عن وابن أبي حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي سعيد الخدري «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل [ ص: 635 ] درجتين بينهما كما بين السماء والأرض» .
وأخرج مسلم، ، وأبو داود ، والنسائي ، عن والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أبي سعيد، وبمحمد رسولا وجبت له الجنة» فعجب لها أبو سعيد، فقال : أعدها علي يا رسول الله، فأعادها عليه ثم قال : «وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض» قال : وما هي يا رسول الله؟ قال : «الجهاد في سبيل الله» . «من رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا،
وأخرج ، ابن أبي حاتم ، عن وابن مردويه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن مسعود «من بلغ بسهم فله درجة» فقال رجل : يا رسول الله، وما الدرجة؟ قال : «أما إنها ليست بعتبة أمك، ما بين الدرجتين مائة عام» .
وأخرج ، ابن أبي حاتم ، عن وابن مردويه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عبادة بن الصامت، «الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين منها كما بين السماء والأرض» .
وأخرج عن ابن أبي حاتم قال : كان يقال : الجنة مائة درجة، بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، فيهن الياقوت [ ص: 636 ] والحلي، في كل درجة أمير؛ يرون له الفضل والسؤدد . يزيد بن أبي مالك