قوله تعالى: واذكر في الكتاب مريم يعني في القرآن إذ انتبذت من أهلها فيه وجهان: أحدهما: انفردت ، قاله . قتادة
الثاني: اتخذت. مكانا شرقيا فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ناحية المشرق، قاله ولذلك اتخذت النصارى المشرق قبلة. الأخفش
الثاني: مشرقة داره التي تظلها الشمس، قاله عطية.
الثالث: مكانا شاسعا بعيدا، قاله . قوله تعالى: قتادة فاتخذت من دونهم حجابا فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: حجابا من الجدران، قاله السدي.
[ ص: 362 ] الثاني: حجابا من الشمس جعله الله ساترا ، قاله . ابن عباس
الثالث: حجابا من الناس ، وهو محتمل ، وفيه وجهان: أحدهما: أنها اتخذت مكانا تنفرد فيه للعبادة.
الثاني: أنها اتخذت مكانا تعتزل فيه أيام حيضها. فأرسلنا إليها روحنا الآية: فيه قولان: أحدهما: يعني الروح التي خلق منها المسيح حتى تمثل لها بشرا سويا.
الثاني: أنه جبريل ، قاله الحسن ، وقتادة ، والسدي ، وابن جريج وفي تسميته له روحا وجهان: أحدهما: لأنه روحاني لا يشوبه شيء غير الروح ، وأضافه إليه بهذه الصفة تشريفا له. وابن منبه.
الثاني: لأنه تحيا به الأرواح. واختلفوا في على قولين: أحدهما: أن سبب حملها جبريل نفخ في جيب درعها وكمها فحملت ، قاله ، ومنه قول ابن جريج أمية بن أبي الصلت:
فأهوى لها بالنفخ في جيب درعها فألقت سوي الخلق ليس بتوأم
الثاني: أنه ما كان إلا أن حملت فولدته ، قاله . واختلفوا في ابن عباس على أربعة أقاويل: أحدها: تسعة أشهر ، قاله مدة حملها الكلبي.
الثاني: تسعة أشهر. حكى لي ذلك أبو القاسم الصيمري.
الثالث: يوما واحدا.
الرابع: ثمانية أشهر ، وكان هذا آية عيسى فإنه لم يعش مولودا لثمانية أشهر سواه.
[ ص: 363 ] قوله تعالى: قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا لأن مريم خافت جبريل على نفسها حين دنا فقالت إني أعوذ أي أمتنع بالرحمن منك فاستغاثت بالله في امتناعها منه. فإن قيل: فلم قالت إن كنت تقيا والتقي مأمون وإنما يستعاذ من غير التقي؟ ففيه وجهان: أحدهما: أن معنى كلامها إن كنت تقيا لله فستمتنع من استعاذتي وتنزجر عني من خوفه ، قاله أبو وائل.
الثاني: أنه كان اسما لرجل فاجر من بني إسرائيل مشهور بالعهر يسمى تقيا فخافت أن يكون الذي جاءها هو ذلك الرجل المسمى تقيا الذي لا يأتي إلا للفاحشة فقالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ، قاله . ابن عباس