قوله عز وجل: فما اسطاعوا أن يظهروه أي يعلوه. وما استطاعوا له نقبا يعني من أسفله ، قاله ، وقيل إن السد وراء قتادة بحر الروم بين جبلين هناك يلي مؤخرهما البحر المحيط. وقيل: ارتفاع السد مقدار مائتي ذراع ، وعرضه نحو خمسين ذراعا وأنه من حديد شبه المصمت. وروي أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إني رأيت السد: (قال: انعته) قال: هو كالبرد المحبر ، طريقه سوداء وطريقه حمراء . (قال: قد رأيته) . قوله عز وجل: قال هذا رحمة من ربي يحتمل وجهين: أحدهما: أن عمله رحمة من الله تعالى لعباده.
الثاني: أن قدرته على عمله رحمة من الله تعالى له.
[ ص: 345 ] فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء قال وذلك يكون بعد قتل ابن مسعود: عيسى عليه السلام الدجال في حديث مرفوع. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنهم يدأبون في حفرهم نهارهم حتى إذا أمسوا وكادوا يبصرون شعاع الشمس قالوا نرجع غدا فنحفر بقيته ، فيعودون من الغد وقد استوى كما كان ، حتى إذا جاء أمر الله قالوا: غدا إن شاء الله ننقب بقيته ، فيرجعون إليه فينقبونه بإذن الله ، فيخرجون منه على الناس من حصونهم ، ثم يرمون نبلا إلى السماء فيرجع إليهم فيها أمثال الدماء ، فيقولون قد ظفرنا على أهل الأرض وقهرنا أهل السماء ، فيرسل الله تعالى عليهم ما يهلكهم) . فإذا جاء وعد ربي فيه قولان: أحدهما: يوم القيامة ، قاله ابن بحر.
الثاني: هو الأجل الذي يخرجون فيه. جعله دكاء يعني السد ، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: أرضا ، قاله قطرب.
الثاني: قطعا ، قاله الكلبي.
الثالث: هدما حتى اندك بالأرض فاستوى معها ، قاله ومنه قول الأخفش ، الأغلب:
هل غير غاد دك غارا فانهدم
قوله عز وجل: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم القوم الذين ذكرهم ذو القرنين يوم فتح السد يموج بعضهم في بعض.
[ ص: 346 ] الثاني: الكفار في يوم القيامة يموج بعضهم في بعض.
الثالث: أنهم الإنس والجن عند فتح السد. وفيه وجهان: أحدهما: يختلط بعضهم ببعض.
الثاني: يدفع بعضهم بعضا ، مأخوذ من موج البحر.