( ولا تقبل ) أو بتزكية شهود الفسق لدفعهم بذلك الغرم عن أنفسهم وكذا إن لم يحملوه لفقرهم لا لكون الأقربين يفون بالواجب لأن الغني قريب في الفقير بخلاف الموت ولا نظر إلى تحمل البعيد لفقر غيره ؛ لأن الإنسان كثيرا يقرب غنى نفسه ويعرض عن أمر غيره غنى وفقرا فالتهمة المبنية على تقدير غنى نفسه أظهر من التهمة المبنية على فقر غيره الغني أما قتل لا يحملونه كبينة بإقراره أو بأنه قتل عمدا فتقبل شهادتهم بنحو فسقهم إذ لا تهمة ( ولو شهادة العاقلة بفسق شهود قتل ) أو نحوه ( يحملونه مبادرين في المجلس أو بعده شهد اثنان على اثنين بقتله ) أي المدعى به ( فشهدا على الأولين بقتله )
( فإن صدق الولي ) المدعي ( الأولين ) يعني استمر على تصديقهما حتى لو سكت جاز للحاكم الحكم بها ؛ لأن طلبه منهما الشهادة كاف في جواز الحكم بها كذا قيل ويرده ما صرحوا به في القضاء أنه لا يجوز له الحكم بما ثبت عنده إلا إن سأل المدعي فيه فالمراد سكت عن التصديق [ ص: 64 ] ( حكم بهما ) لانتفاء التهمة عنهما وتحققها في الأخيرين لأنهما صارا عدوين للأولين بشهادة الأولين عليهما أو لأنهما يدفعان بها عن أنفسهما والتعليل الأول مشكل إذ المؤثر العداوة الدنيوية وليست الشهادة منها فالذي يتجه ، هو التعليل الثاني ( أو ) صدق ( الآخرين أو ) صدق ( الجميع أو كذب الجميع بطلتا ) أي الشهادتان أما في تكذيب الكل فواضح وأما في تصديق الكل فلأن تصديق كل فريق يستلزم تكذيب الآخر لاقتضاء كل من الشهادتين أن لا قاتل غير المشهود عليهما
وأما في تصديق الآخرين فلاستلزامه تكذيب الأولين وشهادة الآخرين مردودة لما مر ولا ينافي مراجعة الولي التي أفهمها المتن وجوب تقديم الدعوى وتعيين القاتل فيها ؛ لأن تلك المبادرة لما وقعت أورثت ريبة فروجع لينظر أيستمر على تصديق الأولين فيحكم له أو لا فترد دعواه كذا قاله جمع مجيبين عن اعتراض تصوير المسألة بأن الشهادة بالقتل يشترط لسماعها تقدم الدعوى وتعيين القاتل فيها فكيف يشهدان ثم يراجع الولي وأقول إنما يتوجه هذا الاعتراض حتى يحتاج للجواب عنه بما ذكر إذا قلنا إن الحاكم يراجع الولي وجوبا أو ندبا ، وهو الأصح أما إذا قلنا بما مر إن معنى تصديقه للأولين استمراره على تصديقهما فلا اعتراض أصلا .
غاية الأمر أن تسمية ما وقع من المشهود عليهما شهادة تجوز ؛ لأن المبادرة بالشهادة تبطلها ، وأن الولي ، وإن لم يجب سؤاله لكنه قد يتعرض لما يبطل حقه وظاهر كلام بعضهم أن ندب سؤاله محله إن بادرا في مجلس الدعوى لا في مجلس بعده أي ؛ لأن مبادرتهما بمجلس الدعوى قد تقرب ظن صدقهما بخلافها بعده وبما تقرر علم أنه لا يحتاج لقول بعضهم صورة ذلك أن يوكل الولي في المطالبة بدم مورثه فإنه لا يحتاج لبيان المدعى عليه فيدعي الوكيل على اثنين به ويقيم عليهما شاهدين فيشهد المشهود عليهما على الأولين ويصدق الوكيل الكل أو البعض أي الآخرين فينعزل فيدعي الولي على الأولين فيشهد عليهما المدعى عليهما فلا يقبلان للتهمة وظاهر قوله بطلتا بقاء حقه في الدعوى لكن عبارة الجمهور بطل حقه