( ولو فليس بمول حتى يظاهر ) ؛ لأنه لا يلزمه شيء بالوطء قبل الظهار لتعلق العتق به مع الوطء فإذا ظاهر صار موليا وحينئذ يعتق بالوطء في مدة الإيلاء وبعدها لوجود المعلق به لكن لا عن الظهار اتفاقا لسبق لفظ التعليق له والعتق إنما يقع عنه بلفظ يوجد بعده وبحث فيه قال ) إن وطئتك فعبدي حر ( عن ظهاري إن ظاهرت الرافعي بأنه ينبغي مراجعته ويعمل بمقتضى إرادته أخذا من قولهم في الطلاق لو علقه بشرطين بلا عطف فإن قدم الجزاء عليهما أو أخره عنهما اعتبر في حصول المعلق به وجود الشرط الثاني قبل الأول وإن توسط بينهما كما هنا روجع فإن أراد أنه إذا حصل الثاني تعلق بالأول لم يعتق العبد إن تقدم الوطء أو أنه إذا حصل الأول تعلق بالثاني [ ص: 165 ] عتق انتهى وألحق السبكي بتقديم الثاني على الأول فيما قاله الرافعي مقارنته له وسكت الرافعي عما لو تعذرت مراجعته أو قال ما أردت شيئا ، ورجح غيره أنه لا إيلاء مطلقا ونوزع فيه بأن قياس ما فسر به قوله تعالى { قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم } الآية من أن الشرط الأول شرط لجملة الثاني وجزائه أن يكون موليا إن وطئ ثم ظاهر .
ويؤيد ذلك أن هذا هو الذي صرحوا به في الطلاق فإن قلت هل يمكن [ ص: 166 ] توجيه ما جرى عليه الأصحاب هنا ولم يجعلوه من تلك القاعدة التي قرروها في الطلاق كما يصرح به كلامهمقلت نعم يمكن إذ نظير ما هنا ثم إن دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت زيدا ، والفرق بينه وبين ما هنا غير خفي إذ كل من الدخول والكلام مثلا وقع شرطا للطلاق محتملا للتقدم والتأخر وليس بين الشرطين ربط ولا مناسبة شرعيان يقضى بهما على ما أفهمه اللفظ فرجع لإرادته وقيل عند عدمها أو تعذر معرفتها لا طلاق إلا إن تقدم الأول ؛ لأن الأصل بقاء العصمة وأما هنا فبين الشرطين الوطء والظهار ذلك فقضي بهما على اللفظ وبيانه أن الوطء هنا لما تعلق به العتق صار كالظهار في تعلق العتق به أيضا فكان بينهما ارتباط ومناسبة شرعيان فصار بمنزلة شرط واحد ولم يعول على إرادته ولا عدمها اكتفاء بالقرينة الشرعية المقتضية لذلك ، وأيضا فقوله إن ظاهرت ، ليس شرطا لمطلق وقوع العتق بل لكونه عنه ظاهرا فحسب والإيلاء ليس مشروطا بوقوع العتق عن الظهار لتعذره بل بمطلق وقوعه فلم يتحد الجزاء ويتعدد الشرط حتى يكون من القاعدة وأيضا فالإيلاء ليس جزاء مذكورا في اللفظ وإنما هو حكم شرعي مرتب على وقوع مثل هذه الصيغة .
وفرق بين الجزاء اللفظي والجزاء الحكمي إذ الأول يتعلق بكل من الشرطين على حدته فنظرنا لما بينهما وحكمنا بما تقتضيه اللغة أو العرف بخلاف الثاني إذ الإيلاء يتعلق بكل من أجزاء جملة الشرطين وجزائهما فلم ينظر لما بين أجزائها بتقدم ولا تأخر فاتضح ما ذكر وهو أنه لا تتأتى فيه تلك القاعدة أصلا فتأمله .