( فصل ) في التفويض وهو لغة رد الأمر للغير وشرعا إما تفويض بضع وهو إخلاء النكاح عن المهر وإما تفويض مهر كزوجني بما شئت أو شاء فلان والمراد هنا الأول وتسمى مفوضة بالكسر وهو واضح وبالفتح وهو أفصح لأن الولي فوض أمرها إلى الزوج أي جعل له دخلا في إيجابه بفرضه الآتي وكان قياسه وإلى الحاكم لكن لما كان كنائبه لم يحتج لذكره إذا مهملة كما علم من كلامه في الحجر ولا يدخل في الرشيدة الصبية خلافا لمن زعمه وقوله في الصيام أو صبيانا رشداء مجاز عن اختبار صدقهم كما علم مما قدمته فيه لوليها ( زوجني بلا مهر ) أو على أن لا مهر لي ( فزوج ونفى المهر أو سكت ) عنه أو زوج بدون مهر المثل أو بغير نقد البلد أو بمهر مؤجل أو قال زوجتكها وعليك لها مائة ويوجه بأن ذكر المهر ليس شرطا لصحة النكاح فلم يكن في قوله وعليك إلزام بل طلب وعد منه لا يلزم وبه فارق نظيره في البيع فإن المائة تكون ثمنا لتوقف الانعقاد عليه فكان إلزاما محضا ( فهو تفويض صحيح ) كما علم من حده وسيأتي حكمه وخرج بقوله بلا مهر قولها زوجني فقط فليس تفويضا على المعتمد لأن إذنها محمول على مقتضى الشرع والعرف من المصلحة لاستحيائها من ذكر المهر غالبا وبه فارق ما يأتي في السيد وبنفي إلى آخره ما لو أنكحها بمهر المثل حالا من نقد البلد فإنه يصح بالمسمى ولو قالت زوجني بلا مهر حالا ولا مآلا وإن وقع وطء تفويض صحيح كما انتصر له ( قالت ) حرة ( رشيدة ) بكر أو ثيب أو سفيهة الزركشي وفاسد على ما رجحه الأذرعي على أن شارحا نقل عنه ما يصرح بأنه رجح الأول فلعل كلامه اختلف ( وكذا لو ) إذ هو المستحق كالرشيدة . قال سيد أمة زوجتكها بلا مهر
[ ص: 394 ] وكذا لو سكت على المنصوص المعتمد وظاهر أنه لو لم يكن تفويضا لأن الوكيل يلزمه الحط لموكله فينعقد بمهر المثل نظير ما مر في ولي أذنت له وسكتت والمكاتبة كتابة صحيحة مع سيدها كحرة كما بحثه أذن لآخر في تزويج أمته وسكت عن المهر فزوجها الوكيل وسكت عنه الأذرعي وفيه نظر لما يأتي أن التفويض تبرع وهي لا تستقل به إلا بإذن السيد إلا أن يجاب بأن تعاطيه لذلك متضمن للإذن لها فيه وخرج بقوله زوجتكها بلا مهر وما ألحق به زوجه بدونه أو بمؤجل أو من غير نقد البلد فينعقد به ولا تفويض لأنها ليست من أهل التبرع أما إذنها في النكاح المشتمل على التفويض فصحيح ( ولا يصح تفويض غير رشيدة ) كغير مكلفة وسفيهة محجور عليها