جزما لتوقف ثبوتها على مزيد نظر واجتهاد ويغني عنه المحكم بشرطه ولو مع وجود القاضي كما شمله كلامهم ( وكذا سائر العيوب ) أي باقيها يشترط في الفسخ بكل منها ذلك ( في الأصح ) لأنه مجتهد فيه كالفسخ بالإعسار فلو تراضيا بالفسخ بواحد منها من غير حاكم لم ينفذ كما بأصله نعم يأتي في الفسخ بالإعسار أنها لو لم تجد حاكما ولا محكما نفذ فسخها للضرورة فقياسه هنا كذلك ( وتثبت العنة ) إن سمعت دعواها بها بأن يكون مكلفا وهي غير رتقاء ولا قرناء كما علم مما مر وغير أمة وإلا لزم بطلان نكاحها إن ادعت عنة مقارنة للعقد لأن شرطه خوف العنت وهو لا يتصور من عنين هذا ما أطلقه شارح وإنما يأتي على رأي مر في مبحث نكاحها ( بإقراره ) بها بين يدي الحاكم كسائر الحقوق ( أو ببينة على إقراره ) لا عليها لتعذر اطلاع الشهود عليها . ( ويشترط في ) الفسخ لأجل ( العنة رفع إلى الحاكم )
ومن ثم لم تسمع دعوى امرأة غير مكلف عليه بها لعدم صحة إقراره بها ( وكذا ) تثبت ( بيمينها بعد نكوله ) عن اليمين المسبوق بإنكاره ( في الأصح ) لأنها تعرفها منه بقرائن حاله فلا نظر لاحتمال أنه يبغضها أو يستحيي منها قيل التعبير بالتعنين أولى لأن العنة لغة حظيرة معدة للماشية ا هـ ويرد بأنهما مترادفان اصطلاحا فلا أولوية على أن ابن مالك جعلها لغة مرادفة للتعنين فتكون مشتركة ( وإذا ثبتت ) العنة بوجه مما مر ( ضرب القاضي له ) ولو قنا كافرا إذ ما يتعلق بالطبع لا يفترق فيه القن وغيره ( سنة ) لقضاء عمر رضي الله عنه بها وحكي فيه الإجماع وحكمته مضي الفصول الأربعة
فإن تعذر الجماع إن كان لعارض حرارة زال شتاء أو برودة زال صيفا أو يبوسة زال ربيعا أو رطوبة زال خريفا فإذا مضت السنة علم أن عجزه خلقي وإنما تضرب السنة ( بطلبها ) لأن الحق لها ويكفي قولها : أنا طالبة حقي بموجب الشرع وإن جهلت تفصيله [ ص: 353 ] لا بسكوتها فإن ظنه لنحو دهش أو جهل نبهها إن شاء ( فإذا تمت السنة ) ولم يطأها ( رفعته إليه ) لامتناع استقلالها بالفسخ ولا يلزمها هنا فور في الرفع على ما قاله الماوردي والروياني والظاهر أنه ضعيف وإن أقره غير واحد لما يأتي أنها إذا أجلته بعدها يسقط حقها لانتفاء الفورية ولما مر من وجوب الفورية في العنة بعد تحققها ( فإن قال وطئت ) فيها أو بعدها وهي ثيب أو بكر غوراء ولم تصدقه ( حلف ) إن طلبت يمينه أنه وطئها كما ادعى لتعذر إثبات الوطء مع أن الأصل السلامة أما بكر غير غوراء شهد أربع نسوة ببقاء بكارتها فتصدق هي لأن الظاهر معها وهل يجب تحليفها الأرجح في الشرح الصغير نعم وعليه الأوجه توقفه على طلبه وكيفية حلفها أنه لم يصبها وأن بكارتها أصلية ولو لم تزل البكارة في غير الغوراء لرقة الذكر فهو وطء كامل وهو صريح في إجزائه في التحليل ولو امتهل أمهل يوما فأقل . ( تنبيه ) :
تصديقه في الوطء مستثنى من قاعدة أن القول قول نافي الوطء واستثني منها أيضا تصديقه فيه في الإيلاء وفيما لو أعسر بالمهر حتى يمتنع فسخها به وتصديقها فيه فيما لو اختلفا أن الطلاق قبله أو بعده وأتت بولد يلحقه ولو صدق لأصل بقاء العصمة ولو قال لطاهر : أنت طالق للسنة فقال وطئت في هذا الطهر فلا طلاق حالا وقالت لم تطأ فوقع حالا صدقت لدفع الفسخ وهو لدفع كمال المهر ، ونظيره إفتاء شرطت بكارتها فوجدت ثيبا فقالت افتضني وأنكر القاضي في فيصدق لدفع الطلاق وهي لبقاء النفقة عليه عملا بأصل بقاء العصمة وبقاء النفقة وسيأتي أواخر الطلاق بما فيه ولو إذا لم أنفق عليك اليوم فأنت طالق وادعى الإنفاق صدقت حتى تحل للأول لعسر إقامة البينة عليه وهو حتى يتشطر المهر ( فإن نكل ) عن اليمين ( حلفت ) هي أنه لم يطأها إذ النكول كالإقرار ( فإن حلفت ) أنه لم يطأها ( أو أقر ) هو بذلك ( استقلت ) هي ( بالفسخ ) . اختلفت هي والمحلل في الوطء
لكن بعد قول القاضي : ثبتت العنة أو حق الفسخ فاختاري ، والظاهر كما قاله غير واحد أنه لا يشترط قوله فاختاري ومن ثم حذفه من الشرح الصغير ، وبحث السبكي أنه لا بد من حكمت لأن الثبوت غير حكم مردود لأن المدار على تحقق السبب وقد وجد ( وقيل يحتاج إلى إذن القاضي ) لها في الفسخ ( أو فسخه ) بنفسه لأنه محل نظر واجتهاد ويرد بأن النظر والاجتهاد قد وقع بما سبق وإنما كان هذا هو الأصح في الفسخ بالإعسار لأن العنة هنا خصلة واحدة فإذا تحققت بضرب المدة وعدم الوطء لم يبق احتياج للاجتهاد بخلاف الإعسار فإنه بصدد الزوال كل وقت فيحتاج للنظر والاجتهاد فلم تمكن من الفسخ به وهذا أولى مما فرق به شارح فتأمله ( ولو اعتزلته أو مرضت [ ص: 354 ] أو حبست في المدة ) جميعها ( لم تحسب ) المدة إذ لا أثر لها حينئذ فتستأنف سنة أخرى بخلاف ما لو وقع ذلك له فإنها تحسب عليه واعتمد الأذرعي في مرضه وحبسه وسفره كرها عدم حسبانها لعدم تقصيره وخرج بجميعها بعضها كفصل منها فلا يجب الاستئناف بل ينتظر ذلك الفصل الذي وقع لها ذلك فيه فتكون معه فيه ولا يضر انعزالها عنه فيما عداه على الأوجه ولو كان الانعزال عنه يوما مثلا معينا من فصل فهل تقضي الفصل جميعه أو نظير ذلك اليوم أو يوما منه أي يوم ؟ القياس الثاني ( ولو رضيت بعدها ) أي السنة ( به بطل حقها ) من الفسخ لرضاها بالعيب مع كونه خصلة واحدة والضرر لا يتجدد وبه فارق الإيلاء والإعسار وانهدام الدار في الإجارة وخرج ببعدها رضاها قبل مضيها لأنه إسقاط للحق قبل ثبوته ( وكذا لو أجلته ) زمنا آخر بعد المدة ( على الصحيح ) لأنه على الفور والتأجيل مفوت له وبه فارق إمهال الدائن بعد الحلول لأن حق طلب الدين على التراخي .