من رءوس الأصابع إلى الكوع ظهرا وبطنا بلا مس شيء منهما لدلالة الوجه على الجمال والكفين على خصب البدن واشتراط النص وكثيرين ستر ما عداهما حتى يحل نظرهما يحمل على أن المراد به منع نظر غيرهما ، أو نظرهما إن أدى إلى نظر غيرهما ورؤيتهما ولو مع عدم علمها لا تستلزم تعمد رؤية ما عداهما فاندفع ميل ( ولا ينظر ) من الحرة ( غير الوجه والكفين ) الأذرعي لظاهر كلام الجمهور من الجواز مطلقا سترت أو لا وتوجيهه بأن الغالب أنها مع عدم علمها لا تستر ما عداهما وبأن اشتراط ذلك يسد باب النظر ا هـ أما من فيها رق فينظر ما عدا ما بين سرتها وركبتها كما صرح به ابن الرفعة وقال إنه مفهوم كلامهم أي لتعليلهم عدم حل ما عدا الوجه والكفين بأنه عورة وسبقه لذلك الروياني ولا يعارضه ما يأتي أنها كالحرة في نظر الأجنبي إليها ؛ لأن النظر هنا مأمور به ولو مع خوف الفتنة فأنيط بما عدا عورة الصلاة وفيما يأتي منوط بخوف الفتنة ، وهو جار فيما عدا الوجه والكفين مطلقا وإذا لم تعجبه سن له أن يسكت ولا يقول لا أريدها ولا يترتب عليه منع خطبتها ؛ لأن السكوت إذا طال وأشعر بالإعراض جازت كما يأتي [ ص: 192 ] وضرر الطول دون ضرر قوله لا أريدها فاحتمل على أن الإعراض قد يحصل بغير السكون كاشتراط ما يعلم منه أنهم لا يجيبون إليه ومن لا يتيسر له النظر أو لا يريده بنفسه
يسن له أن يرسل من يحل له نظرها ليتأملها ويصفها له ولو ما لا يحل له نظره فيستفيد بالبعث ما لا يستفيد بالنظر وهذا لمزيد الحاجة إليه مستثنى من حرمة وصف امرأة لرجل وقول الإمام له أمر المرسلة بنظر متجردها مراده ما عدا العورة كما هو واضح ( ويحرم إذ هو مع النساء كرجل وعكسه فيحرم نظره لهما ونظرهما له احتياطا وإنما غسلاه بعد موته لانقطاع الشهوة بالموت فلم يبق للاحتياط حينئذ معنى ويظهر فيه مع مشكل مثله الحرمة من كل للآخر في حال الحياة بتقديره مخالفا له احتياطا إذ هو المبني عليه أمره لا ممسوح كما يأتي ( بالغ ) ولو شيخاهما ومخنثا ، وهو المتشبه بالنساء عاقل مختار ( إلى عورة حرة ) خرج مثالها فلا يحرم نظره في نحو مرآة كما أفتى به غير واحد ويؤيده قولهم لو علق الطلاق برؤيتها لم يحنث برؤية خيالها في نحو مرآة ؛ لأنه لم يرها ومحل ذلك كما هو ظاهر حيث لم يخش فتنة ولا شهوة وليس منها الصوت فلا يحرم سماعه إلا إن خشي منه فتنة وكذا إن التذ به كما بحثه نظر فحل ) وخصي ومجبوب وخنثى الزركشي ومثلها في ذلك الأمرد ( كبيرة ) ولو شوهاء بأن بلغت حدا تشتهى فيه لذوي الطباع السليمة لو سلمت من مشوه بها كما يأتي ( أجنبية ) ، وهي ما عدا وجهها وكفيها بلا خلاف لقوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } ؛ ولأنه إذا حرم كما في الحديث الصحيح فأولى الرجل . نظر المرأة إلى عورة مثلها
( وكذا وجهها ) أو بعضه ولو بعض عينها ، أو من وراء نحو ثوب يحكى ما وراءه ( وكفها ) ، أو بعضه أيضا ، وهو من رأس الأصابع إلى الكوع ( عند خوف الفتنة ) إجماعا من داعية نحو مس لها ، أو خلوة بها وكذا عند النظر بشهوة بأن يلتذ به ، وإن أمن الفتنة قطعا ( وكذا عند الأمن ) من الفتنة [ ص: 193 ] فيما يظنه من نفسه وبلا شهوة ( على الصحيح ) ووجهه الإمام باتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ولو جل النظر لكن كالمرد وبأن النظر مظنة للفتنة ومحرك للشهوة فاللائق بمحاسن الشريعة سد الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال كالخلوة بالأجنبية وبه اندفع ما يقال هو غير عورة فكيف حرم نظره ووجه اندفاعه أنه مع كونه غير عورة نظره مظنة للفتنة ، أو الشهوة ففطم الناس عنه احتياطا على أن السبكي قال الأقرب إلى صنيع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر ولا ينافي ما حكاه الإمام من الاتفاق نقل المصنف عن عياض الإجماع على أنه وإنما هو سنة وعلى الرجال غض البصر عنهن للآية ؛ لأنه لا يلزم من منع الإمام لهن من الكشف لكونه مكروها وللإمام المنع من المكروه لما فيه من المصلحة العامة وجوب الستر عليهن بدون منع مع كونه غير عورة ورعاية المصالح العامة مختصة بالإمام ونوابه نعم من تحققت نظر أجنبي لها يلزمها ستر وجهها عنه وإلا كانت معينة له على حرام فتأثم . لا يلزمها في طريقها ستر وجهها
ثم رأيت أبا زرعة أفتى بما يفهمه فقال في أمة جميلة تبرز مكشوفة ما عدا ما بين السرة والركبة والأجانب يرونها محل جواز بروزها الذي أطلقوه إذا لم يظهر منها تبرج بزينة ولا تعرض لريبة ولا اختلاط لمن يخشى منه عادة افتتان بمثل ذلك وإلا أثمت ومنعت وكذا الأمرد ا هـ ملخصا وكون الأكثرين على مقابل الصحيح لا يقتضي رجحانه لا سيما وقد أشار إلى فساد طريقتهم بتعبيره بالصحيح ووجهه أن الآية كما دلت على جواز كشفهن لوجوههن دلت على وجوب غض الرجال أبصارهم عنهن ويلزم من وجوب الغض حرمة النظر ولا يلزم من حل الكشف جوازه كما لا يخفى فاتضح ما أشار إليه بتعبيره بالصحيح ومن ثم قال البلقيني : الترجيح بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج وسبقه لذلك السبكي وعلله بالاحتياط فقول الإسنوي الصواب الحل لذهاب الأكثرين إليه ليس في محله وأفهم تخصيص حل الكشف بالوجه حرمة كشف ما عداه من البدن حتى اليد ، وهو ظاهر في غير اليد ؛ لأنه عورة ومحتمل فيها ؛ لأنه لا حاجة لكشفها بخلاف الوجه واختيار الأذرعي قول جمع بحل نظر وجه وكف عجوز يؤمن من نظرهما الفتنة لآية { والقواعد من النساء } [ ص: 194 ] ضعيف ويرده ما مر من سد الباب ، وأن لكل ساقطة لاقطة ولا دلالة في الآية كما هو جلي بل فيها إشارة للحرمة بالتقييد بغير متبرجات بزينة واجتماع أبي بكر وأنس بأم أيمن وإضرابه وسفيان رضي الله عنهم لا يستلزم النظر على أن مثل هؤلاء لا يقاس بهم غيرهم ومن ثم جوزوا لمثلهم الخلوة كما يأتي قبيل الاستبراء إن شاء الله تعالى برابعة