( ومن يستحب ) له ( أن لا يتصدق حتى يؤدي ما عليه ) تقديما للأهم ، وعبارة أصله كالروضة وغيرها لا يستحب له أن يتصدق والأولى أولى ؛ لأن أهمية الدين إن لم تقتض الحرمة على هذا القول فلا أقل من أن تقتضي طلب عدم الصدقة [ ص: 181 ] قال عليه دين ) لله ، أو لآدمي ( أو له من تلزمه نفقته الأذرعي وهذا ليس على إطلاقه إذ لا يقول أحد فيما أظن : إن من أنه لا يستحب له التصدق به ، وإنما المراد أن المسارعة لبراءة الذمة أولى وأحق من التطوع على الجملة . ( قلت : الأصح تحريم صدقته ) ومنها فيما يظهر إبراء مدين له موسر مقر ، أو له به بينة ( بما يحتاج إليه ) حالا كما ارتضاه عليه صداق ، أو غيره إذا تصدق بنحو رغيف مما يقطع بأنه لو بقي لم يدفعه لجهة الدين ابن الرفعة ، وينبغي أن مراده به يومهم وليلتهم ( لنفقة ) ومؤنة ( من تلزمه نفقته ، أو لدين ) ولو مؤجلا لله ، أو لآدمي ( لا يرجو ) أي : يظن ( له وفاء ) حالا في الحال ، وعند الحلول في المؤجل من جهة ظاهرة .
( والله أعلم ) ؛ لأن الواجب لا يجوز تركه لسنة ومع حرمة التصدق يملكه الآخذ خلافا لكثيرين اغتروا بكلام ابن الرفعة وغيره ، وغفلوا عن كلام والأصحاب ، وقد بينت ذلك أتم بيان ، وأوضحه في كتابي قرة العين ببيان أن التبرع لا يبطله الدين ، قيل : قضية المتن جوازه بما يحتاجه لنفقة نفسه وبه صرح في الروضة ، وصحح في المجموع التحريم مطلقا . ا هـ ، ويعلم مما يأتي حمل الأول على ما إذا صبر على الإضافة وعليه يحمل قولهم : يجوز للمضطر إيثار مضطر آخر مسلم ، والثاني على ما إذا لم يصبر ، وعليه حمل قولهم : في التيمم يحرم على عطشان إيثار عطشان آخر ولا يرد على المتن ؛ لأن من تلزمه نفقته يشمل نفسه أيضا ، واستشكل جمع ذلك بأن كثيرين من الصحابة الشافعي والسلف تصدقوا بما يحتاجونه لعيالهم ، ويجاب بحمله على علمهم من عيالهم الكاملين الرضا والصبر والإيثار ، ثم رأيت ابن الرفعة جمع بحمل المنع على الكفاية حالا ، والحل عليها للأبد ، وما ذكرته أولى كما لا يخفى ، ويؤيد ما ذكرته قول جمع لو كان من تلزمه نفقته بالغا عاقلا ، ورضي بذلك كان الأفضل التصدق ، أما إذا ظن وفاء الدين من جهة ظاهرة ، ولو عند حلول المؤجل فلا بأس بالتصدق حالا ، بل قد يسن . نعم إن وجب أداؤه فورا لطلب صاحبه له ، أو لعصيانه بسببه مع عدم علم رضا صاحبه بالتأخير حرمت الصدقة قبل وفائه مطلقا كما تحرم صلاة النفل على من عليه فرض فوري