( ولو فأصل المذهب أنه لا يورث ذوو الأرحام ) الآتي بيانهم لما صح أنه صلى الله عليه وسلم { فقدوا ) أي الورثة ( كلهم } وبه يعتضد الحديث المرسل { استفتي فيمن ترك عمته وخالته لا غير فرفع رأسه إلى السماء فقال اللهم رجل ترك عمته وخالته لا وارث له [ ص: 391 ] غيرهما ثم قال أين السائل ؟ فقال : ها أنا ذا قال لا ميراث لهما قباء يستخير الله في العمة والخالة فأنزل الله الميراث لهما } ( ولا ) استئناف لفساد العطف بإيهامه التناقض ( يرد على أهل الفرض ) فيما إذا أنه صلى الله عليه وسلم ركب إلى فلا يرد عليهما الباقي لئلا يبطل فرضهما المقدر ( بل المال ) وهو الكل في الأول والباقي في الثاني ( لبيت المال ) ، وإن لم ينتظم بأن جار متوليه أو لم يكن أهلا ؛ لأن الإرث لجهة الإسلام ولا ظلم من المسلمين فلم يبطل حقهم بجور الإمام ومعنى الأصل هنا المعروف الثابت المستقر من المذهب وقد يطرأ على الأصل ما يقتضي مخالفته . وجد بعضهم ولم يستغرق كبنت أو أخت
( و ) من ثم ( أفتى المتأخرون ) من الأصحاب وفي الروضة أنه الأصح أو الصحيح عند محققي الأصحاب منهم ابن سراقة من كبار أصحابنا ومتقدميهم ثم صاحب الحاوي والقاضي حسين والمتولي وآخرون وبه كقول ابن سراقة هو قول عامة شيوخنا اعترض تخصيصه بالمتأخرين وقد يجاب بأنه أراد أكثرهم كما دل عليه كلامه في الروضة فلا ينافي أن كثيرين من المتقدمين عليه ومن هذا يؤخذ أن المتأخرين في كلام الشيخين ونحوهما كل من كان بعد الأربعمائة وأما الآن وقبله فهم من بعد الشيخين ( إذا لم ينتظم أمر بيت المال ) بأن فقد الإمام أو بعض شروط الإمامة كأن جار ( بالرد على أهل الفرض ) للاتفاق على انحصار مصرف التركة فيهم أو في بيت المال فإذا تعذر تعينوا وإنما جاز دفع الزكاة للجائر لأن للمزكى غرضا في الدفع إليه لتيقنه به براءة ذمته وتوفر مؤنة التفرقة عليه ودفع خطر ضمانه بالتلف بعد التمكن لو لم يبادر بالدفع إليه ولا غرض هنا وأيضا فمستحقو الزكاة قد ينحصرون بالأشخاص فيطالبون ولا كذلك جهة المصالح فكانت أقرب للضياع وأيضا فالشارع نص على ولاية الإمام للزكاة دون الإرث وما أوهمته عبارته من أنه عند فقد ذوي الأرحام وغيرهم لا يصرف على رأي المتأخرين لغير المنتظم غير مراد بل على من هو بيده صرفه لقاضي البلد الأهل ليصرفه في المصالح إن شملتها ولايته .
فإن لم تشملها تخير بين صرفه له وتوليه صرفه لها بنفسه إن كان أمينا عارفا كما لو فقد [ ص: 392 ] الأهل فإن لم يكن أمينا فوضه لأمين عارف وعبارة ابن عبد السلام إذا جار الملوك في مال المصالح وظفر به أحد ممن يعرفها صرفه فيها وهو مأجور على ذلك بل الظاهر وجوبه ( غير ) بالجر صفة لأهل على ما قيل ويوجه بتعرفها بالإضافة إن وقعت بين ضدين على ما فيه والنصب على الاستثناء وهو أولى أو متعين ( الزوجين ) إجماعا ؛ لأنه لا رحم لهما ومن ثم ترث زوجة تدلي بعمومة أو خؤولة بالرحم لا بالزوجية ( ما ) معمول للرد على ضعف فيه .
( فضل عن فروضهم بالنسبة ) أي بنسبة فروضهم إن اجتمع أكثر من صنف ، وعدد سهامهم أصل المسألة طلبا للعدل فللبنت وحدها الكل ومع الأم ثلاثة أرباع وربع للأم ؛ لأن أصلها من ستة وسهامها منها أربعة فاجعلها أصل المسألة واقسمها بينهما أرباعا ويصح أن تقول يبقى سهمان للأم ربعها [ ص: 393 ] نصف يضرب في الستة فتصح من اثني عشر وترجع بالاختصار إلى أربعة ، ولو قسم بينهم بالسوية فعلم أن الرد ضد العول الآتي ( فإن لم يكونوا ) أي ذوو الفروض ( صرف إلى ذوي الأرحام ) إرثا عصوبة فيأخذه كله من انفرد منهم ، ولو أنثى وغنيا للحديث الصحيح { تعدد ذو فرض } وقدم الرد ؛ لأن القرابة المفيدة لاستحقاق الفرض أقوى وفي إرثهم إذا اجتمعوا مذهب أهل القرابة وهو تقديم الأقرب للميت ، ومذهب الخال وارث من لا وارث له أهل التنزيل بأن ينزل كل منزلة من يدلي به فيجعل ولد البنت والأخت كأمهما وبنتا الأخ والعم كأبيهما والخال والخالة كالأم والعم للأم والعمة كالأب ففي بنت بنت وبنت بنت ابن المال بينهما [ ص: 394 ] أرباعا وإذا نزل كل كما ذكر قدم الأسبق للوارث لا للميت فإن استووا قدر كأن الميت خلف من يدلون به ثم يجعلون نصيب كل لمن أدلى به على حسب إرثه منه لو كان هو الميت إلا أولاد ولد الأم والأخوال والخالات منها فبالسوية ويراعى الحجب فيهم كالمشبهين بهم ففي ثلاث بنات إخوة متفرقين لبنت الأخ للأم السدس ولبنت الشقيق الباقي وتحجب بها الأخرى كما يحجب أبوها أباها .