الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويشترط قصده ) أي التراب لقوله تعالى { فتيمموا صعيدا طيبا } أي اقصدوه بالنقل بالعضو أو إليه ( فلو سفته ) أي التراب ( ريح عليه ) أي على وجهه أو يده ( فردده ) على العضو ( ونوى لم يجز ) بضم أوله لانتفاء القصد بانتفاء النقل المحقق له وإن قصد بوقوفه في مهبها التيمم ؛ لأنه في الحقيقة لم يقصد التراب وإنما أتاه لما قصد الريح ، ومن ثم لو أخذه من العضو ورده إليه أو سفته على اليد فمسح بها وجهه مثلا أو أخذه من الهواء ومسح به مع النية المقترنة بالأخذ في غير الثانية ورفع اليد للمسح فيها كفى لوجود النقل المقترن بالنية حينئذ وظاهر أنه لو كثف التراب في الهواء فمعك وجهه فيه أجزأ أيضا كما لو معكه بالأرض ( ولو يمم ) بلا إذنه لم يجز كما لو سفته ريح أو ( بإذنه ) بأن نقل المأذون التراب للعضو ومسحه به ونوى الآذن نية معتبرة مقترنة بنقل المأذون ومستدامة [ ص: 356 ] إلى مسح بعض الوجه ( جاز ) ، ولو بلا عذر إقامة لفعل مأذونه مقام فعله ، ومن ثم اشترط كون المأذون مميزا ولا يبطل نقل المأذون بحدث الآذن ؛ لأنه غير مباشر للعبادة فهو كجماع المستأجر في زمن إحرام الأجير كذا قاله القاضي ومن تبعه والمعتمد ما بحثه الشيخان أنه يبطل ؛ لأنه المباشر للنية بل والعبادة ؛ لأن مأذونه إنما ناب عنه في مجرد أخذ التراب ومسح عضوه به ومن ثم لم يضر كفره لا في النية المقومة للعبادة والمحصلة لها وبه فارق المقيس عليه المذكور ويؤيده قولهم لا يضر حدث المأذون ؛ لأن الناوي غيره وبه فارق بطلان حجه عن الغير بجماعه ؛ لأنه الناوي ثم ( وقيل يشترط عذر ) للآذن ؛ لأنه لم يقصد التراب ويرده أن قصد مأذونه كقصده .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله أجزأ أيضا ) قد يقال ينبغي الإجزاء وإن لم يكثف التراب إذا كان حصوله على الوجه بحسب تحريكه في [ ص: 356 ] الهواء بحيث لولا التحريك ما حصل ؛ لأن هذا نقل بالعضو فليتأمل . ( قوله كذا قاله القاضي ومن تبعه ) اعتمده م ر قال وعلى هذا يكتفى بالنية عند ابتداء النقل وعند مسح الوجه ولا يحتاج لتجديدها بعد الحدث وقبل مسح الوجه لصحة النقل وبقائه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله أو سفته ) أي الريح . ( قوله مثلا ) أي أو يده الأخرى . ( قوله مع النية المقترنة إلخ ) قد يوهم هذا أنها لو لم تقترن بالأخذ واقترنت بالرفع أنه لا يجزئ وليس كذلك وسيعلم من كلامه في شرح وكذا استدامتها أن وجودها من أول الرفع ليس بشرط بل الشرط أن توجد قبل انتهائه بوصول اليد للوجه بصري عبارة سم قوله ورفع اليد إلخ قد يفهم منه اعتبار المتبادر منه وهو ابتداء الرفع والوجه الاكتفاء بوجودها في أي حد كان حيث سبقت مماسة العضو للتراب الممسوح لأن النقل من ذلك الحد الذي وجدت النية عنده كافسم . ( قوله فمعك إلخ ) بتخفيف العين وتشديدها كما في المختار ع ش . ( قوله فمعك وجهه ) أي أو يده . ( قوله أجزأ أيضا ) قد يقال ينبغي الإجزاء وإن لم يكثف التراب إذا كان حصوله على الوجه بحسب تحريكه في الهواء بحيث لولا التحريك ما حصل لأن هذا نقل بالعضو فليتأمل سم عبارة ع ش ولا ينافيه قولهم ولو وقف حتى جاء الهواء بالغبار على وجهه لم يكف لأنه لا فعل له هناك بخلاف ما قلناه سم على المنهج ا هـ . ( قوله مقترنة بنقل المأذون ) مقتضى ما سيأتي أنها إذا وجدت قبل مسح الوجه أجزأ بصري . ( قوله ومستدامة إلخ ) عبارة النهاية والمغني ويشترط أن ينوي الآذن عند النقل وعند مسح الوجه ا هـ .

                                                                                                                              [ ص: 356 ] قال ع ش ولم يذكر اشتراط الاستدامة لما يأتي من أن المعتمد عدم اشتراطه ا هـ . ( قوله ولو بلا عذر ) لكن يستحب له أن لا يأذن لغيره في ذلك مع القدرة خروجا من الخلاف بل يكره له ذلك ويجب عليه عند العجز ولو بأجرة عند القدرة عليها مغني ونهاية . ( قوله : ومن ثم اشتراط كون المأذون مميزا ) خلافا لظاهر إطلاق شيخ الإسلام والمغني والنهاية عبارته م ر ولو صبيا أو كافرا أو حائضا أو نفساء حيث لا نقض ا هـ أي بمسها كأن يكون بينهما محرمية أو صغر أو مسته بحائل ع ش قال ع ش قوله م ر ولو صبيا أي مميزا زيادي وحج

                                                                                                                              ونقل سم على المنهج عن م ر أنه لا يشترط كونه مميزا بل ولا كونه آدميا وعبارته فرع قال م ر لا فرق في صحة نقل المأذون بين كونه ذكرا وكونه أنثى ولا بين كونه عاقلا وكونه مجنونا أو صبيا لا يميز أو دابة معلمة بحيث تفعل بأمره انتهت لا يقال لا فعل له في هذه الحالة لأنا نقول فعل الدابة المعلمة بأمره وإشارته بمنزلة فعله فليتأمل ا هـ ومثل ما ذكر الملك بفتح اللام كما نقل عن م ر بالدرس ا هـ عبارة الرشيدي قوله م ر ولو صبيا أي ولو غير مميز كما أفتى به الشارح بل أفتى بأن البهيمة مثله ا هـ . ( قوله مميزا ) قد يتجه أنه لا يشترط التمييز بل الشرط أن يترتب نقله عن نحو إشارته إليه لأنه حينئذ يكون بمنزلة نقله هو فليتأمل سم .

                                                                                                                              ( قوله ولا يبطل نقل المأذون إلخ ) قال في النهاية ولو يممه غيره بإذنه فأحدث أحدهما بعد أخذ التراب وقبل المسح لم يضر كما ذكره القاضي حسين في فتاويه وهو المعتمد أما الإذن فلأنه غير ناقل . وأما المأذون له فلأنه غير متيمم وكذا لا يضر حدثهما في الحالة المذكورة أيضا ا هـ وقال في المغني وهذا هو المعتمد وإن قال الرافعي ينبغي أن يبطل بحدث الآمر كما في تعليق القاضي حسين ا هـ وإن كان ما قالاه في حدث الآذن محله فيما إذا وجد قبل النية أو بعدها وجددها قبل مسح الوجه فواضح وإلا فمشكل جدا والحاصل أنه إن نوى أي بعد الحدث عند ابتداء المماسة قبل انتقال التراب إلى الوجه فواضح أنه يكتفى به لوجود النقل المقترن بالنية المعتد بها وإن نوى بعد انتقال التراب إلى الوجه فينبغي أن لا يعتد به بصري بحذف وحمل ع ش كلام النهاية على الشق الثاني وأقره عبارته قوله م ر لم يضر إلخ أي ولا يجب عليه تحديد نية التيمم كما يأتي

                                                                                                                              وقوله أما الآذن إلخ خلافا لابن حج ا هـ ونقل سم عن م ر ما يصرح بذلك وأقره عبارته قوله كذا قاله القاضي إلخ اعتمده م ر قال وعلى هذا يكتفى بالنية عند ابتداء النقل وعند مسح الوجه ولا يحتاج لتجديدها بعد الحدث وقبل مسح الوجه لصحة النقل وبقائه ا هـ ، ثم رأيت في النهاية والمغني في شرح قول المصنف الآتي وكذا استدامتها إلخ ما يصرح بذلك . ( قوله ومن ثم ) أي لأجل حصر النية فيما ذكر . ( قوله وبه ) أي بقوله لا في النية إلخ . ( قوله بجماعة ) أي الغير المحجوج عنه وقوله لأنه إلخ أي الحاج عن الغير . ( قوله للآذن ) إلى قوله وأجيب في النهاية والمغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية