( ولو فلا خيار لإمكان الاستيفاء بما في قوله ( راجع ) حيث لم يتبرع بمؤنتها ( أكرى جمالا ) عينا أو ذمة ( وهرب وتركها عند المكتري ) القاضي ليمونها ) بإنفاقها وأجرة متعهدها كمتعهد أحمالها إن لزم المؤجر ( من مال الجمال فإن لم يجد له مالا ) بأن لم يكن له غيرها وليس فيها زيادة على حاجة المستأجر وإلا باع الزائد من غير اقتراض ( اقترض عليه ) ؛ لأنه الممكن قال السبكي واستئذانه الحاكم إنما هو لحق المكتري وحرمة الحيوان
[ ص: 195 ] فلو فله بيعه حالا وحفظ ثمنه إلى أن يظهر ا هـ . وقد يؤيده ما يأتي في ملتقط نحو حيوان ، لكن لو قيل يلزمه استئذان الحاكم إن أمن عليه منه وإعطاؤه له إن كان أمينا وقبله لكان متجها بل متعينا ويفرق بينه وبين الملتقط بأنه يجوز له التملك فالبيع أولى بخلاف ذي الأمانة الشرعية ( فإن وثق ) وجد ثوبا ضائعا أو عبدا لغائب واحتاج في حفظه لمؤنة القاضي ( بالمكتري دفعه ) أي المقترض منه أو من غيره ( إليه ) ليصرفه فيما ذكر ( وإلا ) يثق به ( جعله عند ثقة ) يصرفه لذلك والأولى له تقدير النفقة وإن كان القول قول المنفق بيمينه إن ادعى لائقا بالعرف ( وله ) أي القاضي عند تعذر الاقتراض ومنه أن يخشى أن لا يتوصل بعد إلى استيفائه وكذا إن لم يتعذر لكنه لم يره ( أن يبيع منها ) بنفسه أو وكيله غير المستأجر لامتناع وكالته في حق نفسه ( قدر النفقة ) والمؤنة المذكورة للضرورة ومن ثم لم يأت هنا الخلاف في بيع المستأجر وبعد البيع تبقى في يد المستأجر إلى انقضاء المدة كذا صرحوا به وهو صريح في أن الإجارة هنا لا تنفسخ بالبيع ذمية كانت أو عينية ؛ لأن الفرض أنه لم يهرب بالجمال وعليه فلو لم يجد مشتريا لها مسلوبة المنفعة مدة الإجارة فهل للحاكم فسخها كما لو هرب ولم يترك جمالا فإن للمستأجر فسخ العينية للضرورة أو يفرق بإمكان البيع هنا ولو على ندور بخلافه ثم محل نظر والأول أقرب ؛ لأن النظر لإمكان وجود النادر مع عدم وجوده لا يفيد هنا شيئا ومحل ذلك في الذمية ما إذا لم ير الحاكم بيع الكل وإلا باع وانفسخت الإجارة كما يصرح به بحث الأذرعي أن الحاكم في إجارة الذمة إذا رأى المصلحة في بيعها والاكتراء للمستأجر ببعض أثمانها جاز له ذلك جزما حيث يجوز له بيع مال الغائب بالمصلحة ا هـ
فقوله والاكتراء له إلخ صريح في انفساخ الإجارة به وعليه فيفرق بينها وبين العينية بأن تعلق حق المستأجر بالعين فيها أقوى منه في الذمية كما علم مما مر فيهما وعليه أيضا يظهر أنه لو لزمه أن يبيعه ما يحتاج لبيعه منها مقدما له على غيره ؛ لأنه الأصلح وخرج بمنها كلها فليس له بيعه ابتداء خشية أن يأكل أثمانها كما صرح به جمع متقدمون لتعلق حق المستأجر بأعيانها ونازع فيه رأى مشتريا لها مسلوبة المنفعة مدة الإجارة محلي بأنه لا يفوت حقه إذ لا تنفسخ به الإجارة وفيه نظر ؛ لأن الإجارة وإن لم تنفسخ بالبيع لكن البيع لا يجوز إلا لضرورة وفي الابتداء لا ضرورة [ ص: 196 ] إلا أن يحمل على ما بحثه الأذرعي أن الحاكم في إجارة الذمة إذا رأى المصلحة في بيعها والاكتراء للمستأجر ببعض الثمن جاز له ذلك جزما حيث يجوز له بيع مال الغائب بالمصلحة ( ولو جاز في الأظهر ) لأنه محل ضرورة ، وقد لا يرى الاقتراض وأفهم كلامه أنه لا يرجع بما أنفقه بغير إذن الحاكم ومحله إن وجد وأمكن إثبات الواقعة عنده وإلا أشهد على أنه أنفق بشرط الرجوع ثم رجع فإن تعذر الإشهاد فقضية ما مر في المساقاة أنه لا يرجع وإن نوى الرجوع ؛ لأنه نادر ، وقد يفرق بأن سبب الندرة ثم كون المساقى عليه بين الناس غالبا ولا كذلك المستأجر عليه هنا ؛ لأنه كثيرا ما يقع الهروب هنا في الأسفار التي من شأنها ندرة فقد الشهود فيها فينبغي حينئذ الاكتفاء بنية الرجوع وخرج بتركها ما لو هرب بها ففي إجارة العين يتخير نظير ما مر في الإباق ، وكما لو شردت الدابة وفي إجارة الذمة يكتري عليه الحاكم أو يقترض نظير ما مر ولا يفوض ذلك للمستأجر لامتناع توكله في حق نفسه فإن تعذر الاكتراء فله الفسخ . أذن للمكتري في الإنفاق من ماله ليرجع